للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رؤوسهن، وجَمْعِ العقائص هناك، وتكثيرها بما تضفر به، حتى تميل إلى ناحية من جانب الرأس، كما يميل السنام.

قال ابن دريد: ناقة ميلاء إذا مال سنامها إلى أحد شقيها، وقد يكون معنى مائلات: منحطّات للرجال، مميلات لهم بما يبدين من زينتهن، والصواب الموافق للغة ما جاءت به الرواية: مائلات، خلافًا لقول الكنانيّ: صوابه: ماثلات، بمثلثة؛ أي: قائمات. انتهى ملخصًا (١).

(رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ (٢) الْمَائِلَةِ)؛ أي: اللاتي يجعلن على رؤوسهنّ ما يكبّرها، ويعظّمها، من الْخِرَق، والعصائب، والْخُمُر، حتى تصير تشبه العمائم، وأسنمة الإبل، وهي جمع سنام، قال ابن العربيّ: وهذا كناية عن تكبير رأسها بالخرق حتى يَظُنّ الرائي أنه كله شعر، وهو حرام، ولذلك قال: "فأعلموهنّ - أي: أخبروهن - أنه لا تقبل لهنّ - ما دام ذلك - صلاة" (٣)، وإن حُكم لها بالصحة، كمن صلى في ثوب مغصوب (٤)، بل أَولى؛ لأنَّ فاعل ذلك ارتكب حرامًا واحدًا، وهو الغصب، وهنّ ارتكبن عدّةَ محرّمات: التشبه بالرجال، والإسراف، والإعجاب، وغيرها، وهذا من علامات نبوته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إذ هو إخبار عن غيب وقع، ودام، وفي رواية: "لا يدخلن الجَنَّة" قال القاضي: ومعناه: أنهن لا يدخلنها، ولا يجدن ريحها حين يدخلها، ويجد ريحها العفائف المتورعات، لا أنهن لا يدخلن أبدًا؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخبر المارّ: "وإن زنى وإن سرق".


(١) "شرح الزرقانيّ " ٤/ ٣٤١.
(٢) قال القاضي في "مشارق الأنوار" ١/ ٧٩: قوله: "كأسنمة البخت" هي إبلٌ غِلاظٌ، ذات سنامين. انتهى.
(٣) حديث ضعيف، أخرجه الطبرانيّ في "المعجم الكبير" ٢٢/ ٣٧٠ عن أبي شَقْرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا رأيتم اللاتي ألقين على رؤوسهن مثل أسنمة البقر، فأعلموهن أنه لا يقبل لهن صلاة". انتهى، قال في "مجمع الزوائد" ٥/ ١٣٧: وفيه حماد بن يزيد، عن مخلد بن عقبة، ولم أعرفهما. انتهى.
(٤) قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ابن العربيّ: من صحّة صلاة الغاصب محلّ نظر، فقد حقّقنا في "التحفة المرضيّة" في الأصول أن الصحيح عدم صحة الصلاة، فلتراجع التفاصيل هناك، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.