للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الإسلام" ما نصّه: "ففرِحوا به فرحًا شديدًا؛ لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم، فلا يولد لكم". انتهى (١).

قال في "الفتح": وهذا يدلّ على أن ولادة عبد الله بن الزبير كانت بعد استقرارهم بالمدينة، وما وقع في أول الحديث أنها ولدته بقباء، ثم أتت به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُرَد أنها أحضرته له بقباء، وإنما حملته من قباء إلى المدينة.

وقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" من رواية أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قال: "لَمّا قَدِم المهاجرون المدينة أقاموا لا يولد لهم، فقالوا: سحرتنا يهود حتى كرت في ذلك القالة، فكان أول مولود بعد الهجرة عبد الله بن الزبير، فكَبَّر المسلمون تكبيرةً واحدةً، حتى ارتَجَّت المدينة تكبيرًا". انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وقوله: "وكان أوَّل مولود وُلد في الإسلام"؛ يعني: من المهاجرين بالمدينة، وذلك أن أمه أسماء ابنة أبي بكر -رضي الله عنهما- هاجرت من مكة إلى المدينة، وهي حامل به، فولدته في سنة ثنتين من الهجرة لعشرين شهرًا من التاريخ، وقيل: في السنة الأولى من الهجرة، هكذا حكاه أبو عمر.

قال الجامع عفا الله عنه: القول الثاني هو الصواب، كما سبق تحقيقه عن الحافظ، فتفطّن، والله تعالى وليّ التوفيق.

قال: ورُوي عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير قال: سُمِّيت باسم جدِّي أبي بكر وكنيت بكنيته، قال أبو عمر: كان شهمًا، ذَكَرًا (٣)، شريفًا، ذا أَنَفَة، وكانت له لَسَانة، وفصاحة، وكان أطلسَ لا لحية له، ولا شعر في وجهه، وحكى أبو عمر عن مالك أنه قال: كان ابن الزبير أفضل من مروان، وأَولى بالأمر من مروان وابنه. انتهى (٤).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.


(١) "صحيح البخاريّ" ٥/ ٢٠٨١.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٤٠٢، كتاب "العقيقة" رقم (٥٤٦٩).
(٣) قال في "اللسان": رجلٌ ذَكَرٌ: إذا كان قويًّا، شُجاعًا، أَنِفًا، أَبِيًّا. انتهى.
(٤) "المفهم" ٥/ ٤٦٩.