(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (صَدَقَ، قَالَ) الرجل (فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (نَعَمْ، قَالَ) الرجل (وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ) من إضافة المصدر إلى مفعوله، و"من " في قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) في محلّ الرفع فاعل بالمصدر؛ لأنه في تأويل "أن يَحُجّ"، كما قال في "الخلاصة":
وقوله:"سبيلًا" منصوب على التمييز (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (صَدَقَ) هذه جُمَلٌ تدل على أنواع من العلم، قال صاحب "التحرير": هذا من حسن سؤال هذا الرجل، وملاحة سياقته وترتيبه، فإنه سأل أوّلَا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه به أن يَصْدُقَه في كونه رسولًا للصانع، ثم لَمّا وَقَفَ على رسالته، وعَلِمَها أقسم عليه بحق مرسله، وهذا ترتيب يفتقر إلى عقل رَصِين.
ثم إنّ هذه الإيمان جَرَتْ للتأكيد، وتقرير الأمر، لا لافتقاره إليها، كما أقسم الله تعالى على أشياء كثيرة. انتهى.
وقال القاضي عياض: والظاهر أن هذا الرجل لم يأت إلَّا بعد إسلامه، وإنما جاء مستثبتًا ومشافهًا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - انتهى، وقد خالف القرطبيُّ عياضًا فيما قاله، وسيأتي نقل كلامه - إن شاء الله تعالى -.
(قَالَ) الراوي (ثُمَّ وَلَّى) أي أدبر الرجل السائل، وذهب بعد أن قضى غرضه الذي جاء من أجله، وهو السؤال عن أمور دينه (قَالَ) في محل نصب على الحال من فاعل "ولّى"، أي قائلًا (وَالَّذِي) الواو للقسم، أي أقسم بالله الذي (بَعَثَكَ) أي: أرسلك (بِالْحَقِّ) أي بالدين الحقّ (لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ) أي على هذه الأمور التي سألتك عنها، وأجبتني بصدقها (وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ) تقدّم أن ينقُص بضم القاف، من باب نصر، يتعدّى ويلزم، وأنقص يُنقِص رباعيًّا لغة ضعيفة في شرح حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - (فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "لَئِنْ صَدَقَ) في دعواه أنه يُحافظ على هذه الأمور (لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ) فيه أن من أتى بما أوجب الله تعالى عليه استحقّ دخول الجنّة، بمقتضى الوعد السابق، حيث إن الله تعالى قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا