للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ هَذَا؟)؛ أي: الذي يدعو، أو يدقّ الباب، (قُلْتُ: أَنَا) مبتدأ حُذف خبره لدلالة السؤال عليه؛ أي: أنا الداعي، قال في "الخلاصة":

وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا … تَقُولُ "زَيْدٌ" بَعْدَ "مَنْ عِنْدَكُمَا"

(قَالَ) جابر -رضي الله عنه-: (فَخَرَجَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" (وَهُوَ يَقُولُ) جملة حاليّة من الفاعل، ("أَنَا أَنَا") مكرّرًا لتأكيد الإنكار، زاد في الرواية الآتية: "كأنه كره ذلك"، وفي رواية البخاريّ: "كأنه كرهها"، ولأبي داود الطيالسيّ في "مسنده" عن شعبة: "كَرِه ذلك" بالجزم.

قال المهلّب: إنما كره قول أنا؛ لأنه ليس فيه بيان إلَّا إن كان المستأذِن ممن يَعْرِف المستأذَنُ عليه صوته، ولا يلتبس بغيره، والغالب الالتباس، وقيل: إنما كَرِه ذلك؛ لأنَّ جابرًا لَمْ يستأذن بلفظ السلام، وفيه نظر؛ لأنه ليس في سياق حديث جابر أنه طلب الدخول، وإنما جاء في حاجته، فدقّ الباب؛ ليَعْلَم النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمجيئه، فلذلك خرج له.

وقال الداوديّ: إنما كرهه؛ لأنه أجابه بغير ما سأله عنه؛ لأنه لمّا ضَرَب الباب عَرَف أنّ ثَمّ ضاربًا، فلما قال: أنا، كأنه أعلمه أنّ ثَمّ ضاربًا، فلم يزده على ما عَرَف من ضرب الباب، قال: وكان هذا قبل نزول آية الاستئذان.

قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنه لا تنافي بين القصّة وبين ما دلت عليه الآية، ولعله رأى أن الاستئذان ينوب عن ضرب الباب، وفيه نظر؛ لأنَّ الداخل قد يكون لا يسمع الصوت بمجرده، فيحتاج إلى ضرب الباب؛ ليبلغه صوت الدَّقّ، فيقرب، أو يخرج، فيستأذن عليه حينئذ، وكلامه الأول سبقه إليه الخطابيّ، فقال: قوله: أنا، لا يتضمن الجواب، ولا يفيد العلم بما استعلمه، وكان حقّ الجواب أن يقول: أنا جابر؛ ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه.

وقد أخرج البخاريّ في "الأدب المفرد"، وصححه الحاكم، من حديث بُريدة -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى المسجد، وأبو موسى يقرأ، قال: فجئت، فقال: من هذا؟ قلت: أنا بُريدة".

وتقدم حديث أم هانئ -رضي الله عنها-: "جئت إلى النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقلت: أنا أم هانئ … " الحديث في صلاة الضحى.