للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النسائيّ من طريق ابن عيينة، عن ابن دينار، بلفظ: "إذا سلّم عليكم اليهوديّ، والنصرانيّ، فإنما يقول: السام عليكم، فقل: عليكم"، بغير واو، وبصيغة الجمع، وأخرجه أبو داود من رواية عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، مثل ابن مهديّ عن الثوريّ، وقال بعده: وكذا رواه مالكٌ، والثوريّ عن عبد الله بن دينار، قال فيه: "وعليكم"، قال المنذريّ (١) في "الحاشية": حديث مالك أخرجه البخاريّ، وحديث الثوريّ أخرجه البخاريّ ومسلم، وهذا يدل على أن رواية مالك عندهما بالواو، فأما أبو داود فلعله حَمَل رواية مالك على رواية الثوريّ، أو اعتَمَد رواية رَوْح بن عُبادة عن مالك، وأما المنذريّ فتجوز في عزوه للبخاريّ؛ لأنه عنده بصيغة الإفراد، ولحديث ابن عمر هذا سبب تقدّم. في الكلام على حديث أنس - رضي الله عنه - (٢).

وقال التوربشتيّ رحمه الله: إثبات الواو في الردّ عليهم إنما يُحمل على معنى الدعاء لهم بالإسلام إذا لم يُعلم منه تعريض بالدعاء علينا، وأما إذا عُلم ذلك فالوجه فيه أن يكون التقدير: وأقول عليكم ما تستحقّونه.

قال الجامع عفا الله عنه: كونهم يُعَرّضون بالدعاء علينا هو الظاهر، فلا يتوهّم غيره؛ إذ عدولهم عن "السلامُ عليكم" إلى "السام عليكم، ليس إلا لهذا الغرض، فلا للدعاء لهم، بل ظاهر تعليم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: عليكم؛ دالّ على أن ندعو عليهم، لا لهم، فتنبّه.

قال: وإنما اختار هذه الصيغة -يعني: "وعليكم"- ليكون أبعد عن الإيحاش، وأقرب إلى الرفق، فإن ردّ التحيّة يكون إما بأحسن منها، أو بقولنا: وعليك السلام، والردّ عليهم بأحسن مما حيّونا به لا يجوز لنا، ولا ردّ باقلّ من قولنا: وعليك، وأما الردّ بغير الواو فظاهرٌ؛ أي: عليكم ما تستحقونه.

وقال البيضاويّ رحمه الله: إذا عُلم التعريض بالدعاء علينا، فالوجه أن يقدّر:


(١) كذا وقع في نسخة "الفتح"، ولعل الصواب: "قال ابن المنذر"، فليُحرّر.
(٢) هو: أن يهوديًّا عز بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "السلام عليكم، فأخذ اليهوديّ، فاعترف"، وفي رواية: فقال: "رُدّوه، فردّوه، فقال: أقلت: السلام عليكم؟ قال: نعم، فقال عند ذلك: إذا سلّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم".