للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهي اسمٌ سُمِّي به الفعل، ومعناه: اكْفُفْ؛ لأنّه زجر، فإن وَصَلتَ نَوَّنتَ، فقلتَ: مَهٍ مَهْ، ويقال: مَهْمَهْتُ به: أي: زجرته. انتهى، وقال بعض النحويين: أما قولهم: مَهْ إذا نَوَّنتَ فكأنك قلت: ازدجارًا، وإذا لم تنوّن فكأنك قلت: الازدجار، فصار التنوين عَلَمَ التنكير، وتَرْكَه عَلمَ التعريف. انتهى (١).

وقال ابن الأثير رحمه الله: مَهْ اسم مبنيّ على السكون، بمعنى اسكت، قال: وفي حديث طلاق ابن عمر: "قلت: فيه"؛ أي: فماذا للاستفهام، فأبدلت الألف هاءً للوقف والسكت. انتهى (٢).

وقوله: (فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، وَالتَفَحُّشَ) قال النوويّ رحمه الله: أما الفُحْش فهو القبيح من القول والفعل، وقيل: الفحش مجاوزة الحدّ، قال: وفي هذا الحديث استحباب تغافل أهل الفضل عن سَفَه المبطلين إذا لم تترتب عليه مفسدة، قال الشافعيّ رحمه الله: الكيِّس العاقل هو الفَطِنُ المتغافل. انتهى (٣).

وقال القاضي عياض رحمه الله: قال ابن عوفة: الفاحش ذو الفحش في كلامه، والمتَفَحِّش الذي يتكلَّف ذلك، ويتعمَّده، وقال الطبريّ: الفاحش البذيّ، قيل: ويكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة المنهيّ عنها، وقوله لعائشة - رضي الله عنها - حين رَدّت على اليهود: "عليكم السام واللعنة": "لا تكوني فاحشة"، و"إن الله لا يحب الفُحش، ولا التفحش"، هو مما تقدم في القول، ألا تراه في الرواية الأخرى: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"؛ وقيل: هو هنا عدوان الجواب؛ لأنه لم يكن منها إليهم فُحْش، قاله الهرويّ.

قال القاضي: لا أدري ما قال؟ وأيُّ شيء أفحش من اللعنة، وما قالته لهم مما يستحقونه، وقوله: "من أجل ذلك حَرَّم الفواحش" قال ابن عرفة: كلُّ ما نهى الله عنه فهو فاحشة، وقيل: الفاحشة ما يشتدّ قبحه من الذنوب، والفحش زيادة الشيء على ما عُهِد من مقداره. انتهى (٤).


(١) "تاج العروس" ١/ ٨٢٤٣.
(٢) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ص ٨٨٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٤٧.
(٤) "مشارق الأنوار"٢/ ١٤٨.