للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وقال ابن بطال - رَحِمَهُ اللهُ -: فقه هذا الحديث أنه يجوز للنساء التصرف فيما لهنّ الحاجة إليه، من مصالحهن.

وقال في "العمدة": فيه جواز تصرّف النساء فيما لهنّ حاجة إليه؛ لأن الله تعالى أَذِن لهنّ في الخروج إلى البراز بعد نزول الحجاب، فلما جاز ذلك لهنّ جاز لهنّ الخروج إلى غيره من مصالحهنّ، وقد أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالخروج إلى العيدين، ولكن في هذا الزمان لمّا كَثُر الفساد، ولا يؤمَن عليهنّ من الفتنة، ينبغي أن يُمْنَعن من الخروج إلا عند الضرورة الشرعية. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بمنعهنّ على الإطلاق محلّ نظر، بل يُمنعن عن التطيّب، والتجمّل عند إرادة الخروج، فإن أبين يُمنعن، وإلا فلا، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بخروجهنّ في العيد ونحوه، وقال أيضًا: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، رواه مسلم، وقال: "إذا شهدت إحداكن العشاء، فلا تمس طيبًا"، رواه مسلم أيضًا، وقال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تَفِلات"، صححه ابن خزيمة، وابن حبّان.

والحاصل: أنهنّ إذا التزمن شروط الخروج فلا مَنْع، وإلا مُنعن، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): أن فيه مراجعةَ الأدنى للأعلى فيما يتبيَّن له أنه الصواب، وحيث لا يقصد التعنت، فإنه قد يتبيّن فيها من العلم ما خَفِي، فإن نزول الآية، وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية [الأحزاب: ٥٩] كان سببه المراجعة.

٦ - (ومنها): جواز كلام الرجال مع النساء في الطرق للضرورة، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "للضرورة" محلّ نظر، بل يجوز للحاجة، ولو لم تكن هناك ضرورة، فليس لاشتراط الضرورة دليلٌ، بل مهما دعت الحاجة إلى الكلام معهنّ جاز، كما دلّ عليه حديث الباب، وغيره، فتبصّر، والله تعالى أعلم.


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣.