للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كريمته. ولا يخفى على المنصف الراجحُ من المذهبين، والأقوى من الدليلين. انتهى كلام ابن القيّم رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التحقيق الذي ذكره ابن القيم رحمه اللهُ تحقيق نفيسٌ جدًّا، فقد ظهر لنا به، وتبيّن، واتضح أن المذهب الأول، وهو وجوب خدمة المرأة زوجها هو الراجح؛ لقوة دليله؛ لأنه المعروف في ذلك الوقت الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [البقرة: ٢٢٨]، فأوجب الله عز وجل عليها أن تلتزم بما هو معروف عند الناس، وقد طبّق نساء العصر الأول من الصحابيات، وغيرهنّ على أنفسهنّ ما طُلب منهنّ في الآية الكريمة، كما تقدم آنفًا في قصّة فاطمة، وأسماء - رضي الله عنهما -، والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّل الكتاب قال:

[٥٦٨١] ( … ) - (حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ، حَدَّثنَا حَمادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ أيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: كنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ، وَكُنْتُ أَسُوسُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدْمَةِ شَيءٌ أَشَدَّ عَلَى مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ، كُنْتُ أَحْتَشنُّ لَهُ، وَأقومُ عَلَيْه، وَأَسُوسُهُ، قَالَ (٢): ثُمَّ إِنَّهَا أَصَابَتْ خَادِمًا. جَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْيٌ، فَأَعْطَاهَا خَادِمًا، قَالَتْ: كفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَس، فَألقَتْ عَنِّي مَئُونَتَهُ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أمّ عَبْدِ الله، إِنِّي رَجُلٌ فَقِيرٌ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ في ظِلِّ دَارِك، قَالَتْ: إِنِّي إِنْ رَخَّصْتُ لَكَ أبي ذَاكَ (٣) الزُّبَيْرُ، فَتَعَالَ: فَاطْلُبْ إِلَيَّ، وَالزُّبَيْرُ شَاهِدٌ، فَجَاءَ، فَقَالَ: يَا أمَّ عَبْدِ اللهِ إِنَي رَجُلٌ فَقِيرٌ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ في ظِلِّ دَارِك، فَقَالَتْ: مَا لَكَ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا دَارِي؟ فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ: مَا لَكِ أَنْ تَمْنَعِي رَجُلًا فَقِيرًا يَبِيعُ، فَكَانَ يَبِيعُ إِلَى أَنْ كسَبَ، فَبِعْتُهُ الْجَارِيَةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، وَثَمَنُهَا في حَجْرِي، فَقَالَ: هَبِيهَا لي، قَالَتْ: إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا).


(١) "زاد المعاد" ٥/ ١٧٠.
(٢) وفي نسخة: "قالت".
(٣) وفي نسخة: "ذلك".