(عَن) عبد الملك بن عبد العزيز (بْنِ جُرَيْجٍ) أنه (قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ) محمد بن مسلم (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريّ السَّلَميَّ - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"لَا تَزَالُ) هي من الأفعال التي ترفع الاسم، وتنصب الخبر واسمها، قوله:(طَائِفَةٌ مِنْ أَمَّتِي) قال الفيّوميّ رحمه الله: الطائفة: الفرقة من الناس، والطائفة: القطعة من الشيء، والطائفة من الناس الجماعة، وأقلّها ثلاثة، وربّما أُطلقت على الواحد والاثنين. انتهى.
وقال القرطبيّ رحمه الله: الطائفة الجماعة، وهم الذين قال الله تعالى في حقهم: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)} [الأعراف: ١٨١]. والطائفة في الأصل: هي القطعة من الشيء، يقال: طائفة من كذا؛ أي: قطعة منه، وهي من الناس الجماعة. قال مجاهد: هم من الواحد إلى الألف، وكذلك قال النخعيّ. وقال عطاء: أقلّه رجلان، فصاعدًا. وقال الزهريّ: ثلاثة فصاعدًا. والطائفة هي الفرقة التي يُمكن أن تكون حلقة، وكأنها الجماعة الحافّة حول الشيء، أقلّها ثلاثة، أو أربعة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه اللهُ (١).
وقوله:(مِنْ أُمَّتِي) المراد أمة الإجابة (يُقَاتِلُونَ) حذف المفعول للتعميم؛ أي: جميع أعداء الإسلام (عَلَى الْحَقِّ) متعلّق بحال مقدَّر؛ أي: حال كونهم كائنين على الحقّ، أي: الثابت من الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - (ظَاهِرِينَ) حال من الواو أيضًا، أي: حال كونهم غالبين أعداءهم، أو من خالفهم، أو المراد بالظهور أنهم غير مستترين، بل مشهورون، والأول أولى؛ لِمَا أخرجه المصنّف من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة".
وقوله: (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ") متعلّق بـ"لا تزال"، أو بـ"يُقاتلون"؛ أي: إلى أن يقرب يوم القيامة، وذلك بإتيان العلامة، وهي الريح التي تقبض روح كلّ مؤمن ومؤمنة؛ لِمَا أخرجه المصنّف رحمه اللهُ عن عبد الرحمن بن شِمَاسة المَهْريّ، أنه قال: كنت عند مَسْلَمَةَ بن مُخَلَّد، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال