للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكتاب الله، وما يُعرف من ذكر الله، قلت: أَيَرْقِي أهلُ الكتاب المسلمين؟ قال: نعم، إذا رَقَوْا بما يُعرف من كتاب الله، وبذكر الله. انتهى.

وفي "الموطأ" أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال لليهودية التي كانت تَرْقِي عائشة - رضي الله عنهما -: ارقيها بكتاب الله.

وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة، والملح، وعقد الخيط، والذي يَكتب خاتم سليمان، وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم.

وقال المازريّ (١): اختُلِف في استرقاء أهل الكتاب، فأجازها قوم، وكرهها مالك؛ لئلا يكون مما بدّلوه.

وأجاب من أجاز بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه، وهو كالطبّ، سواءً، فإن غير الحاذق لا يُحسن أن يقول، والحاذق يأنَفُ أن يبدل حرصًا على استمرار وصفه بالْحِذق؛ لترويج صناعته، والحقّ أنه يختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال.

وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة، فمَنَع منها ما لا يُعرف؛ لئلا يكون فيها كفر. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما ذُكر من أقوال أهل العلم، وأدلّتهم أن الصحيح جواز الرُّقية، والتعويذ مما وقع، ومما يُتوقّع، إذا كان الكلام خاليًا من الشرك، بأن يكون بكلام الله عز وجل، أو بأسماء الله تعالى المعروفة في اللسان العربيّ، أو بغير اللسان العربيّ إذا كان معلوم المعنى، خاليًا من الشركيّات، فقد أباح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك كلّه حيث قال: "لا بأس بالرُّقَى ما لم يكن فيه شرك".

وأما يفعله الجهلة من أهل عصرنا وقبله من كتابة الرقى، والتعويذات، والطلاسيم الموجودة في كتب بعض المتأخرين فمما لا شكّ في تحريم كثير منه؛ لاشتماله على الشركيّات والضلالات، أو ما لا يُعرف من الأسماء،


(١) "المعلم" ٣/ ٩٥.
(٢) "الفتح" ١٣/ ١٥٥ - ١٥٧، كتاب "الطب" رقم (٥٧٣٥).