للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهمته العامّة والخاصّة، فأغنى ذلك عن الكلام فيه، وإنما يُسترقَى من العين إذا لَمْ يُعْرف العائن، وأما إذا عُرف الذي أصابه بعينه، فإنه يؤمر بالاغتسال، ثم يصبّ ذلك الماء على المَعين، على حسب ما فسّره الزهريّ كما قد سبق بيانه، فإن لَمْ يُعرف العائن استُرْقي حينئذ للمَعين، فإن الرُّقَى مما يُستشفى به من العين، وغيرها، وأسعد الناس من ذلك مَن صَحِبه اليقين، وما التوفيق إلَّا بالله، أفاده ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

٤ - (ومنها): ما قاله ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا: وفي إباحة الرُّقَى إجازة أخذ العِوَض عليه؛ لأنَّ كلّ ما انتُفِع به جاز أخذ البدل منه، ومن احتَسَب، ولم يأخذ على ذلك شيئًا كان له الفضل.

٥ - (ومنها): ما قاله - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا: وفي قوله: "لو سبق شيء القدر لسبقته العين" دليل على أنَّ الصحة والسقم قد علمهما الله تعالى، وما عَلِم فلا بدّ من كونه على ما عَلِمه، لا يتجاوز وقته، ولكن النفس تطيب بالتداوي، وتأنس بالعلاج، ولعله يوافق قَدَرًا، وكما أنه من أُعطي الدعاء، وفُتح عليه، فلم يَكَد يُحْرَم الإجابة، كذلك الرُّقَى، والتداوي مَنْ أُلْهِم شيئًا من ذلك، وفعله ربما كان ذلك سببًا لِفَرَجه، ومنزلة الذين لا يكتبون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون أرفع، وأسني، ولا حرج على من استَرْقَي، وتداوى. انتهى كلام ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٥٧١٥] (٢١٩٩) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَرْخَصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ لِبَني عَمْرٍو، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرْقي؟ قَالَ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ").


(١) "التمهيد" لابن عبد البر ٢/ ٢٦٩.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر ٢/ ٢٦٩ - ٢٧٠.