للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالُوا لَهُمْ)؛ أي: قال الحيّ لهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم -: (هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ) الفاء للتعليل؛ أي: لأنَّ (سَيِّدَ الْحَيِّ)؛ أي: رئيس القبيلة (لَدِيغٌ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "اللَّديغ": الذي لدغته الحيَّة، أو العقرب، وقد يُسمَّى بالسَّلِيم تفاؤلًا، كما قد جاء في الرواية الأخرى. انتهى (١).

وقال في "الفتح": "اللَّدْغ " - بالدال المهملة، والغين المعجمة - وهو اللَّسْع وزنًا ومعنى، وأما اللَّذْع بالذال المعجمة، والعين المهملة، فهو الإحراق الخفيف، واللاع المذكور في الحديث هو ضرب ذات الْحُمَة، من حيّة، أو عقرب، أو غيرهما، وأكثر ما يُستعمل في العقرب، وقد أفادت رواية الأعمش تعيين العقرب.

وأما ما وقع في رواية هشيم عند النسائيّ أنه مصاب في عقله، أو لديغ، فشكّ من هشيم، وقد رواه الباقون، فلم يَشُكُّوا في أنه لديغ، ولا سيما تصريح الأعمش بالعقرب، وكذلك ما في الرواية الآتية من طريق مَعْبد بن سيرين، عن أبي سعيد، بلفظ: "إن سيد الحي سَلِيم"، وكذا في "الطب" عند البخاريّ من حديث ابن عباس: "إن سيد الحي سَلِيم"، والسَّليم: هو "اللديغ".

نعم وقعت للصحابة قصة أخرى في رجل مصاب بعقله، فقرأ عليه بعضهم فاتحة الكتاب، فبرأ، أخرجه أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، من طريق خارجة بن الصَّلْت، عن عمه، أنه "مَرّ بقوم، وعندهم رجل مجنون، موثق في الحديد، فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير، فارْقِ لنا هذا الرجل … " الحديث، فالذي يظهر أنهما قصتان، لكن الواقع في قصة أبي سعيد أنه لديغ، قاله في "الفتح" (٢).

(أَو مُصَابٌ) "أو" للشكّ من الراوي، هل قال: "لديغ"، أو قال: "مصابٌ"، والمراد أصابه اللاع، زاد في رواية البخاريّ: "فلُدِغ سيد ذلك الحيّ، فسَعَوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فَأَتَوْهم، فقالوا:


(١) "المفهم" ٥/ ٥٨٥.
(٢) "الفتح" ٦/ ٤٩ - ٥٠، كتاب "الإجارة" رقم (٢٢٧٦).