رواية معبد بن سيرين الآتية من قوله:"فقام معها رجل، ما كنا نظنه يحسن رقية".
وعند البخاريّ في "فضائل القرآن" بلفظ آخر، وفيه:"فلما رَجَع قلنا له: أكنت تحسن رقيةً؟ "، ففي ذلك إشعار بأنه غيره.
والجواب أنه لا مانع من أن يَكْنِي الرجل عن نفسه، فلعل أبا سعيد صرّح تارةً، وكَنَى أخرى، ولم ينفرد الأعمش بتعيينه، فقد وقع أيضًا في رواية سليمان بن قَتَّة، بلفظ:"فأتيته، فرَقَيته بفاتحة الكتاب"، وفي حديث جابر عند البزار:"فقال رجل من الأنصار: أنا أرقيه"، قال الحافظ: وهو مما يُقَوِّي رواية الأعمش، فإن أبا سعيد أنصاريّ، وأما حَمْل بعض الشارحين ذلك على تعدد القصة، وأن أبا سعيد روى قصتين، كان في إحداهما راقيًا، وفي الأخرى كان الراقي غيره، فبعيد جدًّا، ولا سيما مع اتحاد المخرج، والسياق، والسبب، ويكفي في ردّ ذلك أن الأصل عدم التعدد، ولا حامل عليه، فإن الجمع بين الروايتين ممكن بدونه، وهذا بخلاف ما تقدّم من حديث خارجة بن الصَّلْت، عن عمه، فإن السياقين مختلفان، وكذا السبب، فكان الحمل على التعدد فيه قريبًا.
قوله:"فصالحوهم"؛ أي: وافقوهم.
قوله:"على قطيع من الغنم" قال ابن التين: القطيع هو الطائفة من الغنم، وتُعُقب بأن القطيع هو الشيء المقتطع من غنم كان، أو غيرها، وقد صَرَّح بذلك ابن قرقول وغيره، وزاد بعضهم: أن الغالب استعماله فيما بين العشرة والأربعين.
ووقع في رواية الأعمش:"فقالوا: إنا نعطيكم ثلاثين شاةً"، وكذا ثبت ذِكْر عدد الشياه في رواية معبد بن سيرين، عند البخاريّ، وهو مناسب لعدد السريّة كما تقدم في أول الحديث، وكأنهم اعتبروا عددهم، فجعلوا الْجُعْل بإزائه. انتهى (١).
(فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ) تقدّم أنه أبو سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، (نَعَمْ) عندنا راقٍ
(١) "الفتح" ٦/ ٥٠ - ٥١، كتاب "الإجارة" رقم (٢٢٧٦).