النصّ، وهو السام، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقال الحافظ -رحمه اللهُ-: قد تقدم توجيه حَمْله على عمومه، بأن يكون المراد بذلك ما هو أعمّ من الإفراد، والتركيب، ولا محذور في ذلك، ولا خروج عن ظاهر الحديث. انتهى، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
(إِلَّا السَّامَ") بالسين المهملة، بغير همز، وفي الرواية الآتية: "ما من داء إلا وفي الحبّة السوداء منه شفاء"، وفي رواية ابن ماجه: "إلا أن يكون الموت"، وفي هذا أن الموت داء من جملة الأدواء، قال الشاعر:
وَدَاءُ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ (١)
وقوله:(وَالسَّامُ: الْمَوْتُ) هذا التفسير لابن شهاب، صرّح به في رواية البخاريّ، ولفظه: "قال ابن شهاب: والسام الموت"، وأخرج العسكريّ، عن الأصمعيّ قال: عَنَى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- به -أي: السام- الموت، ولم يُسمَع قبله، ولا سمعته في شعر، ولا في كلام جاهليّ. انتهى.
وقوله:(وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ: الشُّونِيزُ) قال في "الفتح": كذا عَطَفَه على تفسير ابن شهاب للسام، فاقتضى ذلك أن تفسير الحبة السوداء أيضًا له، و"الشُّونِيز" -بضم الشين المعجمة، وسكون الواو، وكسر النون، وسكون التحتانية، بعدها زاي- وقال القرطبيّ: قَيَّد بعض مشايخنا الشين بالفتح، وحَكَى عياض عن ابن الأعرابيّ أنه كسرها، فأبدل الواو ياء، فقال: الشينيز، وتفسير الحبة السوداء بالشونيز لشهرة الشونيز عندهم إذ ذاك، وأما الآن فالأمر بالعكس، والحبة السوداء أشهر عند أهل هذا العصر من الشونيز بكثير، وتفسيرها بالشونيز هو الأكثر الأشهر، وهي الكَمُّون الأسود، ويقال له أيضًا: الكمون الهنديّ، ونقل إبراهيم الحربيّ في غريب الحديث، عن الحسن البصريّ أنها الْخَرْدَلُ، وحَكَى أبو عبيد الهرويّ في "الغريبين" أنها ثمرة البُطْم -بضم الموحدة، وسكون المهملة- واسم شجرتها الضِّرْوُ -بكسر المعجمة، وسكون الراء- وقال الجوهريّ: هو صمغ شجرة تُدعى الكمكام، تُجلب من اليمن،