للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: الشونيز، قال: وكيف أصنع بها؟ قال: تأخذ إحدى وعشرين حبةً، فتصُرّها في خرقة، ثم تضعها في ماء ليلةً، فإذا أصبحت قطرت في المنخر الأيمن واحدة، وفي الأيسر اثنتين، فإذا كان من الغد قطرت في المنخر الأيمن اثنتين، وفي الأيسر واحدة، فإذا كان اليوم الثالث قطرت في الأيمن واحدة، وفي الأيسر اثنتين".

ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة شفاء من كل داء أنها لا تُستعمل في كل داء صِرْفًا، بل ربما استُعملت مفردةً، وربما استعملت مركبة، وربما استعملت مسحوقة، وغير مسحوقة، وربما استعملت أكلًا، وشربًا، وسَعُوطًا، وضِمادًا، وغير ذلك.

وقيل: إن قوله: "كل داء" تقديره: يَقْبَل العلاج بها (١)، فإنها تنفع من الأمراض الباردة، وأما الحارّة فلا، نعم قد تدخل في بعض الأمراض الحارّة اليابسة بالعَرَض، فتوصل قوي الأدوية الرطبة الباردة إليها بسرعة تنفيذها، ويُستعمل الحارّ في بعض الأمراض الحارّة لخاصية فيه، لا يستنكر؛ كالعنزروت، فإنه حارّ، ويُستعمل في أدوية الرَّمَد المركبة، مع أن الرمَد وَرَمٌ حارّ، باتفاق الأطباء.

وقد قال أهل العلم بالطبّ: إن طبع الحبة السوداء حارّ يابس، وهي مُذهبة للنفخ، نافعة من حمى الربع، والبلغم، مفتحة للسدد، والريح، مجففة لبلّة المعدة، وإذا دُقّت، وعُجنت بالعسل، وشُربت بالماء الحارّ أذابت الحصاة، وأدرّت البول، والطمث، وفيها جلاء، وتقطيع، وإذا دُقّت، ورُبطت بخرقة من كتان، وأديم، وشمّها نَفَع من الزكام البارد، وإذا نُقِع منها سبع حبات في لبن امرأة، وسُعط به صاحب اليَرَقان أفاده، وإذا شُرب منها وزن مثقال بماء أفاد من ضيق النفس، والضمادُ بها ينفع من الصداع البارد، وإذا طُبخت بِخَلّ، وتمضمض بها نفعت من وجع الأسنان الكائن عن بَرْد.


(١) قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أنه لا حاجة إلى هذا التقدير، بل الحديث على إطلاقه، وعمومه، فكن ممن يصدّق بقوله -صلى الله عليه وسلم- حقّ تصديق، والله تعالى الهادي إلى أقوم الطريق.