عن كريب بن الحارث بن أبي موسى، عن أبيه، عن جدّه، ورجاله رجال الصحيح، إلا كُريبًا وأباه، وكريب وثقّه ابن حبان.
وله حديث آخر في الطاعون، أخرجه أحمد، وصححه الحاكم، من رواية عاصم الأحول، عن كريب بن الحارث، عن أبي بردة بن قيس، أخي أبي موسى الأشعريّ، رفعه:"اللهم اجعل فناء أمتي قتلًا في سبيلك، بالطعن، والطاعون".
قال العلماء: أراد -صلى الله عليه وسلم- أن يحصل لأمته أرفع أنواع الشهادة، وهو القتل في سبيل الله، بأيدي أعدائهم، إما من الإنس، وإما من الجنّ.
ولحديث أبي موسى شاهد من حديث عائشة، أخرجه أبو يعلى، من رواية ليث بن أبي سُليم، عن رجل، عن عطاء، عنها، وهذا سند ضعيف.
وآخر من حديث ابن عمر، سنده أضعف منه، والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى، فإنه يُحكَم له بالصحة؛ لتعدُّد طرقه إليه.
وقوله:"وَخْز" -بفتح أوله، وسكون المعجمة، بعدها زاي- قال أهل اللغة: هو الطعن إذا كان غير نافذ، ووَصَفَ طعن الجن بأنه وخزٌ؛ لأنه يقع من الباطن إلى الظاهر، فيؤثّر بالباطن أوّلًا، ثم يؤثّر في الظاهر، وقد لا ينفذ، وهذا بخلاف طعن الإنس، فإنه يقع من الظاهر إلى الباطن، فيؤثر في الظاهر أوّلًا، ثم يؤثر في الباطن، وقد لا ينفذ.
[تنبيه]: يقع في الألسنة، وهو في "النهاية" لابن الأثير تبعًا لغريبي الهرويّ، بلفظ:"وخز إخوانكم"، قال الحافظ: ولم أره بلفظ: "إخوانكم" بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة، لا في الكتب المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وقد عزاه بعضهم لـ"مسند أحمد"، أو الطبرانيّ، أو "كتاب الطواعين" لابن أبي الدنيا، ولا وجود لذلك في واحد منها. انتهى كلام الحافظ -رحمه الله-، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم (١).
(١) "الفتح " ١٣/ ١٣٠ - ١٣٤، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٢٨).