للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبه جاء القرآن الكريم، وفي لغة قليلة بكسرها، ومعناه: تسترقّ، وتأخذ بسرعة. (الْجِنُّ السَّمْعَ)؛ أي: المسموع لهم من الملائكة، (فَيَقْذِفُونَ) بكسر الذال، من باب ضرب؛ أي: يرمون بذلك المختطَف (إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ)؛ أي: الكهّان، (وَيُرْمَوْنَ بِهِ) بالبناء للمجهول؛ أي: يُرمى الجنّ بذلك النجم الذي رُمي به، قال الطيبيّ: قوله: "ويُرمون" عطف على "يُقذفون"، فعلى هذا رميهم بالشهاب بعد إلقائهم الكلمة إلى أوليائهم، وهو إحدى الحالتين اللتين في الحديث الآخر لابن عبّاس - رضي الله عنهما - عند البخاريّ، وفيه قوله: "وربّما ألقاها قبل أن يُدركه". انتهى (١).

(فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ)؛ أي: دون تغيير وزيادة، (فَهُوَ حَقٌّ) لكونه من خبر السماء الذي هو وحيٌ من الله تعالى، (وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ) بكسر الراء، من باب ضرب؛ أي: يزيدون فيه كذبًا وزورًا، فيكون قوله: (وَيَزِيدُونَ") عَطْفَ تفسير له، قال الطيبيّ: عدّاه بفي على تضمين معنى الكذب، وقال في "القاموس"، و"شرحه": وقَرَفَ عَلَيْهِم يَقْرِفُ قَرْفًا: إِذا بَغَى عَلَيْهِم، وقرَفَ فُلانًا: عابَهُ، أَو اتَّهَمَه، ويُقالُ: هو يُقْرَفُ بكَذا؛ أَي: يُرْمَى به، ويُتَّهَمُ، فهو مَقْرُوفٌ. وقرَفَ الرَّجُلَ بسُوءٍ: رَماه به. وقَرَفَ لِعيالِه: إِذا كَسَبَ لَهُم من هُنا، ومن هُنا. وقَرَفَ قَرْفًا: إِذا خَلَّطَ تَخْلِيطًا. وقَرَفَ عَلَيهِمْ قَرْفًا: إِذا كَذَبَ. انتهى باختصار (٢).

وقال القرطبيّ: قوله: "ولكنهم يفرقون فيه، ويزيدون" هكذا عند ابن ماهان، وهو من القَرْف: وهو الخلط، قاله صاحب الأفعال؛ أي: يخلطون فيها من الكذب. ورواه يونس: "يُرَقَّون" بضم الياء، وفتح الراء، وتشديد القاف. وفي بعض النسخ: "يَرْقُون" - بفتح الياء، وتسكين الراء، وتخفيف القاف -؛ أي: يتقوَّلون. يقال: رَقي فلان على الباطل بكسر الراء؛ أي: تقوَّله، وهو من الرُّقِيّ: وهو الصعود؛ أي: إنهم يقولون فوق ما سمعوا. قاله القاضي عياض. انتهى (٣).


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٢٩٩٥.
(٢) "تاج العروس" ١/ ٦٠٦٧.
(٣) "المفهم" ٥/ ٦٣٨ - ٦٣٩.