للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (أَنَّ أَبا لُبَابَةَ) بشير بن عبد المنذر، وقيل: غيره - رضي الله عنه -، (كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (لِيَفْتَحَ لَهُ بَابًا فِي دَارِهِ)؛ أي: دار ابن عمر، (يَسْتَقْرِبُ بِهِ)؛ أي: يطلب القرب (إِلَى الْمَسْجِدِ) النبويّ، فيكون له ذلك الباب مدخلًا قريبًا، وفي رواية يحيى بن سعيد الأنصاريّ الآتية أخبرني نافع، أن أبا لبابة بن عبد المنذر الأنصاريّ، وكان مسكنه بقباء، فانتقل إلى المدينة، فبينما عبد الله بن عمر جالسًا معه يفتح خَوْخَةً له، إذا هُمْ بحية من عوامر البيوت، فأرادوا قتلها، فقال أبو لبابة: "إنه قد نُهِي عنهنّ - يريد عوامر البيوت - وأُمِرَ بقتل الأبتر، وذي الطفيتين". (فَوَجَدَ الْغِلْمَةُ) بكسر الغين المعجمة، وسكون اللام: جمع قلّة لغلام، كما قال في "الخلاصة":

أَفاعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَهْ … ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جُمُوعُ قِلَّهْ

وجَمْع الكثرة غِلْمان، ويُطلق الغُلامُ على الرجل مجازًا باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير: شيخ مجازًا بِاسْم ما يؤول إليه (١).

(جِلْدَ جَانٍّ) بتشديد النون؛ أي: حيّة، (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر - رضي الله عنهما - (الْتَمِسُوهُ)؛ أي: اطلبوا الجانّ (فَاقْتُلُوهُ)؛ أي: لِأَمْر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقتله، (فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ) - رضي الله عنه - (لَا تَقْتُلُوهُ، فَإنَّ) الفاء للتعليل؛ أي: لأن (رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ) - بجيم مكسورة، ونون مفتوحة - وهي الحيات، جمع جانّ، وهي الحية الصغيرة، وقيل: الدقيقة الخفيفة، وقيل: الدقيقة البيضاء، قاله النوويّ - رحمه الله - (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: و"الجنَّانُ" بتشديد النون: جمع: الجانِّ، وهو أبو الجنِّ، هذا أصله، والجانُّ في الحديث: هو حيَّة بيضاءُ صغيرة رقيقة، هكذا ذكر النَّقَلة، والظاهر من الجِنّان المذكور في الحديث: أن المراد به: الجانُّ.

فإنْ قيل: فقد وصف الله تعالى الحيَّة المنقلبة عن عصا موسى بأنها جانٌّ، وأنَّها ثعبان عظيم؛ فالجواب: أنه إنما كانت ثعبانًا عظيمًا في الخِلْقة،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢٣٣.