للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب، وقبل باب، و"يحيى بن سعيد" هو: القطّان.

وقوله: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، قَدْ أَسْلَمُوا. . . إلخ) قال القاضي عياض - رحمه الله -: هذا إعلام أن من الجنّ من قد أسلم بالمدينة، وأنه قد يَتصوّر في صور الحيّات، ولهذا يذهب من ذهب إلى أن ذلك مخصوصٌ بالمدينة؛ لتخصيصه بالذِّكر، وحجة الآخَر أن تخصيصه بالمدينة حينئذ، إما لأنه كلّم مسلمي المدينة من بني آدم، وأعْلَمَهم بحكمهم مع من أسلم منهم من جنّها، وأنه إذا أسلم سائر بني آدم في بلادهم، فحُكْمهم ذلك الحكم مع جنّهم، أو لعله لم يكن أسلم حينئذ من الجنّ سوى مَن بالمدينة (١).

قال: ويقتضي أن حُكم بيوت المدينة وغير بيوتها سواء، وأن المراد بالحديث الآخر بالبيوت: موضع العمارة، والسكنى، لا الصحاري.

قال: ورتّب بعض العلماء هذه الأحاديث، بأن الأمر بقتل الحيّات مطلقًا مخصوص بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن حيّات البيوت، إلا الأبتر، وذا الطفيتين، فإنهما يُقتلان على كلّ حال، كان في البيوت، أو غيرها، أو ما ظهر منها بعد الإنذار، ويخصّ الإطلاق بالنهي عن قتل الجنّان على ذوات البيوت أيضًا إلا ما خُصّ منه من الأبتر، وذي الطفيتين. انتهى (٢).

وقوله: (مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ) قال ابن الأثير - رحمه الله -: العوامر: الحيّات التي تكون في البيوت، واحدها عامرٌ، وعامرةٌ، وقيل: سُمّيت عوامر؛ لطول عمرها. انتهى (٣).

وقوله: (فَلْيُؤْذِنْهُ) بضمّ حرف المضارعة، من الإيذان، وهو الإعلام، والمراد به إنذاره بما سبق.

وقوله: (ثَلَاثًا) تقدّم أن الأَولى أن يقال: ثلاث ليال؛ ليتوافق مع رواية: "ثلاثة أيام"، وقيل: المعنى: ثلاث مرّات، وفيه نظر.

وقوله: (فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ)؛ أي: ظهر ذلك العامر بعد الإنذار ثلاث ليال،


(١) هذا فيه نظر، لأن آية {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} الآية [الأحقاف: ٢٩]، نصّ في إسلام جنّ غير المدينة، فتنبّه.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ١٧١ - ١٧٢.
(٣) "النهاية في غريب الأثر" ص ٦٤١.