والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٥٨٣٠] (٢٢٣٨) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزَّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ، وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (عَامِرُ بْنُ سَعْد) بن أبي وقّاص المدنيّ، تقدّم قريبًا.
٢ - (أَبُوهُ) سعد بن أبي وقّاص مالك بن وُهيب الصحابيّ الشهير - رضي الله عنه -، تقدّم أيضًا قريبًا.
والباقون ذُكروا في الباب، وقبله.
شرح الحديث:
(عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ) سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ) قال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: قد أجمعوا على أن الوزغ ليس بصيد، وأنه ليس مما أبيح أكله. انتهى (١). (وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا) بالضمّ تصغير فاسق، كما قال في "الخلاصة":
فُعَيْلًا اجْعَلِ الثُّلَاثِيَّ إِذَا … صَغَّرْتَهُ نَحْوُ قُذَيٍّ فِي قَذَا
فُعَيْعِلٌ مَعَ فُعَيْعِيلٍ لِمَا … فَاقَ كَجَعْلِ دِرْهَمٍ دُريْهِمَا
قال الطيبيّ - رحمه الله -: تصغيره للتعظيم، كما في قوله [من الطويل]:
وَكُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ … دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ
على ما ذهب إليه التوربشتيّ، أو للتحقير؛ لإلحاقه - صلى الله عليه وسلم - له بالفواسق الخمسى. انتهى بتصرّف.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: إنما سُمّي بذلك؛ لخروجه عن مواضعه، أو عن جنس الحيوانات للضرر. وقيل: لأنَّها خرجت عن حكم الحيوانات المحترمة
(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٥/ ١٨٧.