والفعل في تأويل المصدر مجرور بـ "في"؛ أي: أفي قرص نملة واحدة لك؟
وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "أن قرصتك. . . إلخ" الجملة هي الموحى بها؛ أي: أوحى الله تعالى بهذا الكلام؛ يعني: لِأَنْ قرصتك فملة أحرقت أُمةً مسبّحةً لله تعالى؟ وإنما وُضع المضارع موضع المسبّحة؛ ليدلّ على الاستمرار، ومزيد الإنكار، كقوله تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨)} [ص: ١٨]، قال في "الكشّاف": فيه الدلالة على حدوث تسبيح من الجبال شيئًا بعد شيء، وحالًا بعد حال، وكأن السامع يحاضر تلك الحال، ويسمعها. انتهى (١).
(أَهْلَكْتَ أُمَّةً)؛ أي: جماعة (مِنَ الأُمَمِ)، وقوله:(تُسَبِّحُ؟) حال، أو صفة لـ "الأمم"، وفي الرواية التالية:"فأحى الله إليه، فهلّا نملة واحدة"؛ أي: فهلّا أحرقت نملةً واحدةً، وهي التي آذتك، بخلاف غيرها، فلم يصدُر منها جناية، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٥٨٣٥ و ٥٨٣٦ و ٥٨٣٧](٢٢٤١)، و (البخاريّ) في "الجهاد"(٣٠١٩) و"بدء الخلق"(٣٣١٩)، و (أبو داود) في "الأدب"(٥٢٦٦)، و (النسائيّ) في "المجتبى"(٧/ ٢١٠) و"الكبرى"(٣/ ١٦٦ و ٥/ ١٨٣)، و (ابن ماجه) في "الصيد"(٣٢٢٥)، و (همام بن منبّه) في "صحيفته"(١/ ٣٢)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٤/ ٤٥٠)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣١٣ و ٤٠٢ - ٤٠٣ و ٤٤٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٦١٤)، و (الطبراني) في "مسند الشاميين"(٤/ ٢٧٨)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١٠/ ٢٣٣)، و (الطحاويّ) في "مشكل الآثار"(١/ ٣٧٣)، و (تمّام) في "فوائده"(٢/ ٥١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ٢١٣ - ٢١٤)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(٣٢٦٨)، والله تعالى أعلم.