للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): ما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سجد في سورة {ص} وقرأ قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، رواه البخاريّ، فاستنبط التشريع من هذه الآية (١).

(ومنها): حديث الباب، وهو متّفقٌ عليه، ووجه الدلالة منه أن الصحابة - رضي الله عنهم - فَهِموا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما يريد بإخباره بمثل هذه القصص إلا أن يقتدوا بها، ويعملوا بمثلها، ولذلك "قالوا: وإن لنا في البهائم أجرًا؟ "، فأقرّهم على هذا الفهم، ولم يعارضهم فيه، بل أجابهم بقوله: "نعم"، فدلّ على أن شَرْع من قبلنا شَرْع لنا.

وقلت في "التحفة المرضيّة" مشيرًا إلى ما سبق:

وشَرْعُ مَنْ قَبْلُ ثَلَاثَةً يُرَى … شَرْعٌ لَنَا بِلَا خِلَافٍ قَدْ جَرَى

وَهُوَ مَا صَحَّ لَدَيْنَا شَرْعَا … وَعِنْدَهُمْ كَالصَّوْمِ خُذْهُ قَطْعَا

وَالثَّانِ مَا لَيْسَ لَنَا بِشَرْعِ … بِلَا خَلَافٍ بَيْنِ أَهْلِ الْقَطْعِ

وَهُوَ مَا لَيْسَ لَدَيْنَا مُثْبَتَا … كَوْنُهُ شَرْعَهُمْ بِنَقْلٍ ثَبَتَا

مِثْلُ الَّذِي نُقِلَ مِمَّا سَلَفَا … مِنْ كُتُبٍ تَحْرِيفُهُمْ لَهَا وَفَا

أَوْ هُوَ ثَابِتٌ وَلَكِنْ وُضِعَا … كَالإِصْرِ وَالأَغْلَالِ إِذْ قَدْ رُفِعَا

ثَالِثُهَا فِيهِ اخْتِلَافٌ مَا اشْتَمَلْ … عَلَى ثَلَاثَةِ ضَوَابِطَ اكْتَمَلْ

أَوَّلُهَا كَوْنُهُ شَرْعَ مَنْ سَبَقْ … ثَبَتَ بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فَاتَّسَقْ

وَثَانِهَا أَنْ لَا يَجِي فِي شَرْعِنَا … مُؤَيِّدٌ لَهُ وَإِلَّا شَرْعُنَا

ثَالِثُهَا أَنْ لَا يَجِي مَا يُبْطِلُهْ … فِي شَرْعِنَا فَإنْ يَجِي لَا نَقْبَلُهْ

فَذِي الضَّوَابِطُ إِذَا تَوَفَّرَتْ … بِهْ احْتِجَاجُ الأَكْثَرِينَ قَدْ ثَبَتْ

وَهْوَ الصَّوَابُ إِذْ إِلَاهُنَا عَلَا … مَا قَصَّ الاخْبَارَ سِوَى أَنْ نَعْمَلَا

كَذَلِكَ الرَّسُولُ لَمَّا أَخْبَرَا … عَنْ رَجُلٍ بِسَقِيِ كَلْبٍ أُجِرَا

سُئِلَ هَلْ نُؤْجَرُ فِي الْبَهَائِمِ … قَالَ نَعَمْ مُقَرِّرًا لِلْهَائِمِ (٢)

والله تعالى أعلم بالصواب.


(١) راجع: "إرشاد الفحول" ٢/ ٢٥٦ - ٢٦٠.
(٢) راجع: "المنحة الرضيّة في شرح التحفة المرضيّة" ٢/ ٢١١ - ٢٢٢.