سفيان ابن عيينة، عن الزهريّ، عن سعيد، أخرجه أحمد، عنه، ولفظه:"يؤذيني ابن آدم، يسبّ الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أُقَلِّب الليل والنهار"، وهكذا أخرجه مسلم وغيره، من رواية سفيان بن عيينة.
قال ابن عبد البرّ: الحديثان للزهريّ عن أبي سلمة، وعن سعيد بن المسيِّب جميعًا صحيحان.
وقال النسائيّ: كلاهما محفوظ، لكن حديث أبي سلمة أشهرهما.
ولعبد الرزاق فيه عن معمر إسناد آخر، أخرجه مسلم أيضًا من طريقه، فقال: عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا يسب أحدكم الدهر، فإن الله هو الدهر، ولا يقولنّ أحدكم للعنب: الكرم. . ." الحديث، وأخرجه أحمد من رواية همام، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر، إني أنا الدهر، أُرسل الليل والنهار، فإذا شئت قبضتهما".
وأخرجه مالك في "الموطأ" عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا يقولنّ أحدكم. . ."، والباقي مثل رواية عبد الأعلى عن معمر، لكن وقع في رواية يحيى بن يحيى الليثيّ عن مالك في آخره:"فإن الدهر هو الله"، قال ابن عبد البرّ: خالف جميع الرواة عن مالك، وجميع رواة الحديث مطلقًا، فإن الجميع قالوا:"فإن الله هو الدهر"، وأخرجه أحمد من وجه آخر، عن أبي هريرة، بلفظ:"لا تسبوا الدهر، فإن الله قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي، أُجدّدها، وأُبليها، وآتي بملوك بعد ملوك"، وسنده صحيح. انتهى (١).
(وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ") قال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "وأنا الدهر" برفع الراء، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعيّ، وأبو عبيد، وجماهير المتقدمين والمتأخرين، وقال أبو بكر، ومحمد بن داود الأصبهانيّ الظاهريّ: إنما هو الدهرَ بالنصب، على الظرف؛ أي: أنا مُدّة الدهر، أقلب ليله، ونهاره، وحكى ابن عبد البرّ هذه الرواية عن بعض أهل العلم، وقال النحاس: يجوز النصب؛ أي: فإن الله باقٍ مقيم أبدًا لا يزول، قال القاضي: