للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"حدّثنا أبو سلمة"، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وفي الرواية الآتية من طريق إسرائيل، عن عبد الملك، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، سمعت أبا هريرة، (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "أَشْعَرُ كَلِمَةٍ) وفي الرواية التالية: "أصدق كلمة"، وإنما كان أصدق كلمة؛ لأنه موافق لأصدق الكلام، وهو قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)} [الرحمن: ٢٦]، قاله الطيبيّ - رحمه الله - (١). (تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ) قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يريد بالكلمة البيت الذي ذُكِر شطره، ويَحْتَمِل أن يريد القصيدة كلها، ويؤيد الأول رواية مسلم الآتية من طريق شعبة وزائدة - فرّقهما - عن عبد الملك، بلفظ: "إن أصدق بيت قاله الشاعر"، وليس في رواية شعبة "إنّ"، ووقع في رواية شريك الآتية عن عبد الملك، بلفظ: "أشعر كلمة تكلمت بها العرب"، فلولا أن في حفظ شريك مقالًا لرَفَع هذا اللفظ الإشكال الذي أبداه السهيليّ على لفظ رواية "الصحيح" بلفظ: "أصدق"، إذ لا يلزم من لفظ أشعر أن يكون أصدق.

نَعَم السؤال باقٍ في التعبير بوصف كل شيء بالبطلان، مع اندراج الطاعات والعبادات في ذلك، وهي حقّ لا محالة، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه بالليل: "أنت الحقّ، وقولك الحقّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ. . . إلخ".

وأجيب عن ذلك بأن المراد بقول الشاعر: ما عدا اللهَ؛ أي: ما عداه، وعدا صفاته الذاتية، والفعلية من رحمته، وعذابه، وغير ذلك، فلذلك ذكر الجنة والنار، أو المراد في البيت بالبطلان: الفناء، لا الفساد، فكل شيء سوى الله جائز عليه الفناء لذاته، حتى الجنة، والنار، وإنما يَبقَيان بإبقاء الله لهما، وخلقِ الدوام لأهلهما، والحقّ على الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال، ولعل هذا هو السرّ في إثبات الألف واللام في قوله: "أنت الحقّ، وقولك الحقّ، ووعدك الحقّ"، وحذفهما عند ذِكر غيرهما، والله أعلم.

(كلِمَةُ لَبِيدٍ) هو: ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر العامريّ، ثم الكلابيّ، ثم الجعفريّ، يكنى أبا عَقِيل، وقد أسلم لبيد، وذَكَره في الصحابة البخاريّ، وابن أبي خيثمة، وغيرهما، وقال لعمر لَمّا


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٠/ ٣٠٩٩.