للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفرس مثلًا، وله جناحان، إلى غير ذلك مما يمكن من التركيبات التي لا يوجد مثلها في الوجود، وإن كانت آحادُ أجزائها في الوجود الخارجيّ، وإنَّما قال: جعلها الله إعلامًا على ما كان، أو يكون؛ لأنَّه يعني به: الرؤيا الصحيحة المنتظمة الواقعة على شروطها على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

ثمّ إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر أنواع الرؤيا هنا، وفيما رواه الترمذيّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرؤيا ثلاث: فرؤيا حقّ، ورؤيا يحدِّث المرء بها نفسه، ورؤيا تحزين من الشيطان"، وذَكَر الحديث، فرؤيا الحقّ هي المنتظمة التي لا تخليط فيها، وقد سَمَّاها في رواية أخرى: "الصادقة"، وفي أخرى: "الصالحة"، وهي التي يحضل بها التنبيه على أمر في اليقظة صحيح، وهي -التي إذا صدرت من الإنسان الصالح- جزء من أجزاء النبوة؛ أي: خصلة من خصال الأنبياء التي بها يعلمون الوحي من الله تعالى.

وأما الثانية: فهي التي تكون عن أحاديث نفس متوالية، وشهواتٍ غالبة، وهموم لازمة، ينام عليها، فيرى ذلك في نومه، فلا التفات إلى هذا، وكذلك الثالثة، فإنها تحزين، وتهويل، وتخويف، يُدخل كل ذلك الشيطان على الإنسان في نومه؛ ليشوّش يقظته، وقد يجتمع هذان السببان، أعني هموم النفس، وأُلقيات الشيطان في منام واحد، فتكون أضغاث أحلام لاختلاطها، والضغث: هي القبضة من الحشيش المختلط. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٥٨٨٤] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَعَبْدِ رَبِّهِ، وَيَحْيَى ابْنَىْ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِمْ قَوْلَ أَبِي سَلَمَةَ: كُنْتُ أَرَى الرّؤْيَا، أُعْرَى مِنْهَا، غَيْرَ أَنِّي لَا أُزَمَّلُ).


(١) "المفهم" ٦/ ٦ - ٩.