(٥٠٢٥)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٤/ ٣٨٨)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ١٧٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٢١٣ و ٢٨٦)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٦/ ٢٣٦)، و (عبد بن حُميد) في "مسنده"(١/ ٣٩١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان شدّة عناية النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالرؤيا، وتأويلها؛ لأنها جزء من النبوّة، فهي وحي من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إليه.
٢ - (ومنها): ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والمؤمنون من توالي البشرى عليهم في المنام، ويأتي ذلك في اليقظة مطابقًا لِمَا رأوه منامًا، فللَّه الحمد، والفضل، والمنّة أولًا وآخرًا.
٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: حديث أنس -رضي الله عنه- هذا وتأويله دليل على أن تعبير الرؤيا قد يؤخذ من اشتقاق كلماتها، فإنه -صلى الله عليه وسلم- أخذ من عقبة: حسن العاقبة، ومن رافع: الرفعة، ومن رطب ابن طاب: لذاذة الدين، وكماله، وقد قال علماء أهل العبارة أن لها أربعة طرق:
أحدها: ما يشتق من الأسماء كما ذكرناه آنفًا.
وثانيها: ما يعتبر مثاله، ويميز شكله؛ كدلالة معلم الكتّاب على القاضي، والسلطان، وصاحب السجن، ورئيس السفينة، وعلى الوصيّ، والوالد.
وثالثها: ما يَعْبُره المعنى المقصود من ذلك الشيء المرئي؛ كدلالة فعل السَّفْر على السَّفر، وفعل السوق على المعيشة، وفعل الدار على الزوجة والجارية.
ورابعها: التعبير بما تقدم له ذِكر في القرآن، أو السُّنَّة، أو الشعر، أو كلام العرب، وأمثالها، وكلام الناس، وأمثالهم، أو خبر معروف، أو كلمة حكمة، وذلك كنحو تعبير الخشب بالمنافق، لقوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}[المنافقون: ٤]، وكتعبير الفأر بفاسق؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- سماه فويسقًا. وكتعبير القارورة بالمرأة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "رفقًا بالقوارير"؛ يعني: ضَعَفة النساء، وتتبّع أمثلة ما ذُكر يطول. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.