للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ جَدِّهِ) بالجرّ بدلًا أو عطفَ بيان لأبي بردة؛ أي: إن أبا بردة جدّ لبُريد، والد أبيه عبد الله، فهو بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة، وكنيته أيضًا أبو بردة كجدّه. (عَنْ) أبيه (أَبِي مُوسَى) الأشعريّ -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، مبنيًّا للفاعل، وفي بعض النسخ: "أني هاجرتُ" (مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا)؛ أي: فيها (نَخْلٌ) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: النَّخْلُ: اسم جمع، الواحدة نَخْلَةٌ، وكلُّ جَمْع بينه وبين واحده الهاء، قال ابن السِّكِّيت: فأهل الحجاز يؤنثون أكثره، فيقولون: هي التمر، وهي البرّ، وهي النخل، وهي البقر، وأهل نجد، وتميم يُذَكِّرون، فيقولون: نَخْلٌ كريمٌ، وكريمة، وكرائم، وفي التنزيل: {نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}، و {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}، وأما النَّخِيلُ بالياء فمؤنّثة، قال أبو حاتم: لا اختلاف في ذلك. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "رأيت في المنام أني أهاجر … إلخ" هذا يدلُّ على أن هذه الرؤيا وقعت له، وهو بمكة قبل الهجرة، وأن الله تعالى أطلعه بها على ما يكون من حاله، وحال أصحابه يوم أُحد، وبأنهم يصاب من صدورهم معه، وأن الله تعالى يثبّتهم بعد ذلك، ويجمع كلمتهم، ويقيم أمرهم، ويعزُّ دينهم، وقد كمَّل الله تعالى له ذلك بعد بدر الثانية، وهي المرادة في هذا الحديث على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. انتهى (٢).

(فَذَهَبَ وَهَلِي) بفتحتين؛ أي: وَهْمي، واعتقادي، قال في "الفتح": قال ابن التين: رَوَيناه "وَهَلِي" بفتح الهاء، والذي ذكره أهل اللغة بسكونها، تقول: وَهَلْتُ بالفتح أَهِلُ وَهْلًا: إذا ذهب وَهْمُك إليه، وأنت تريد غيره، مثلُ وَهِمْتُ، ووَهِلَ يَوْهَلُ وَهَلًا بالتحريك: إذا فَزِعَ، قال: ولعله وقع في الرواية على مثل ما قالوه في الْبَحْر: بَحَرٌ بالتحريك، وكذا النَّهْر والنَّهَر، والشَّعْر والشَّعَر. انتهى، وبهذا جزم أهل اللغة: ابنُ فارس، والفارابيّ، والجوهريّ، والقاليّ، وابنُ القِطّاع، إلا أنهم لم يقولوا: وأنت تريد غيره.

وقد وقع في حديث المائة سنة: "فَوَهَلَ الناسُ في مقالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٩٦ - ٥٩٧.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٥.