للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فضيلة الإنسان، والثالث قد يكون عَرَضيًّا فيوجد السبيل إلى اكتسابه، ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النحل: ٧١]؛ أي: في الْمُكْنة، والمال، والجاه، والقوّة، وكلّ عطية لا يلزم إعطاؤها لمن تُعطى له، يقال لها: فضل، نحو: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٣٢]، وقوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٥٤] متناول للأنواع الثلاثة من الفضائل. انتهى.

وقد فَضَلَ؛ كنَصَر، وعَلِمَ، الأخيرة حكاها ابن السِّكِّيت، وأما فَضِلَ؛ كعَلِم يَفْضُلُ؛ كيَنْصُرُ، فمركبة منهما؛ أي: من البابين شاذّة، لا نظير لها، قال سيبويه: هذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين، قال: وكذلك نَعِمَ يَنْعُمُ، ومِتَّ تَمُوت، ودِمْتَ تَدُوم، وكِدتَ تَكُود، كما في "الصحاح"، وعن ابن السِّيد: أن هذه اللغات الثلاث إنما هي في الفضل الذي يراد به الزيادة، فأما الفضل الذي هو بمعنى الشرف، فليس فيه إلا لغة واحدة، وهي فَضَلَ يَفْضُلُ؛ كقَعَد يَقْعُدُ. انتهى.

وقال الصيمريّ في "كتاب التبصرة" له: فَضَل يَفْضُل؛ كنصر ينصر، من الفضل الذي هو السؤدد، وفَضِل يَفْضَل بكسرها في الماضي، وضمّها في المضارع، من الفضلة، وهي بقية الشيء. انتهى (١).

وقال الخضريّ في "حاشية السمرقنديّة" في الاستعارة: "الفواضل: جمع فاضلة، وهي الصفة التي لا تتحقّق إلا بتعدّي أثرها للغير؛ كالكرم".

و"الفضائل": جمع فضيلة، وهي التي تتحقّق، وإن لم يتعدّ أثرها للغير؛ كالعلم، والعبادة، قال: وهذا مجرّد اصطلاح، وإلا ففضيلة فَعِيلة، بمعنى فاضلة، وكلّ من الاسمين من الفضل، وهو الزيادة، فكلّ صفة تستحقّ لغةً أن تسمّى فضيلة، وفاضلة؛ لأنها زائدة على محلّها الذي قامت به. انتهى (٢).


(١) "تاج العروس" ١/ ٧٤٠٧ - ٧٤٠٨.
(٢) "حاشية الخضريّ على السمرقنديّة" ص ١٣.