للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن غزوة ذات الرقاع كانت بنجد (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهَ-: قوله: "غزونا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غزوة قِبَل نجد": النجد: المرتفع من الأرض، والغور: المنخفض منها، هذا أصلها، ثم قد صارا بحكم العُرف اسمين لجهتين مخصوصتين معروفتين، وصحيحُ الرواية، ومشهورها: "نجد"، ووقع للعذري: "أحد". انتهى (٢).

وفي رواية يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر -رضي الله عنه- الآتية: "قال: أقبلنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتّى إذا كنّا بذات الرقاع … ". (فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالرفع على الفاعليّة، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فأدركنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- … إلخ": هذا اللفظ ذُكِر فيه: "أدركَنَا" بفتح الكاف "رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" بالرفع على الفاعليّة، وعليه فيكونون قد تقدموه للوادي؛ لمصلحة من مصالحهم؛ ككونهم طليعة، أو صيانة للنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما يُخشى عليه، أو غير ذلك، ويَحْتَمِل أن يُقَيَّد: "فأدركْنَا رسولَ اللهِ" بسكون الكاف، ونَصْب "رسول" على المفعوليّة، فيكون فيه ما يدلُّ على شجاعة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، ويكون كنحو ما اتفق له لمّا وقع الفزع بالمدينة، فركب فرسًا، فسبقهم، فاستبرأ الخبر، ثم رجع، فلقي أصحابه خروجًا، فقال لهم: "لَمْ تُراعوا". انتهى (٣).

(فِي وَادٍ) هو كلّ مُنْفَرِجٍ بين جبال، أو آكام يكون منفذًا للسيل، والجمع أوديةٌ، واشتقاقه من ودَى الشيءُ: إذا سال، أفاده الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٤). (كثِيرِ الْعِضَاهِ) -بكسر العين المهملة، وتخفيف الضاد المعجمة-: كلُّ شجر يَعْظُم، له شوكٌ، وقيل: هو العظيم من السَّمُر مطلقًا، وقد تقدم غير مرّة، قاله في "الفتح" (٥).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: العِضَاهُ وزانُ كِتَاب من شجر الشوك؛ كالطَّلح، والْعَوْسج، واستثنى بعضهم القَتَاد، والسِّدْرَ، فلم يجعله من العِضَاهِ، والهاء أصلية، وعَضِهَ البعيرُ عَضَهًا، فهو عَضِهٌ، من باب تَعِبَ: رَعَى العِضَاهَ،


(١) "عمدة القاري" ١٧/ ١٩٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٦١.
(٣) "المفهم" ٦/ ٦١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٤.
(٥) "الفتح" ٩/ ٢٣٧، كتاب "المغازي" رقم (٤١٣٥).