للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلم يزده على ذلك الجواب، وفي ذلك غاية التهكم به، وعدم المبالاة به أصلًا. انتهى.

(قَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فَشَامَ السَّيْفَ)؛ أي: أغمده، وهو من باب ضرب، ويقال أيضًا: شام السيف: إذا استلّه من غمده، فهو من الأضداد (١).

(فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ") كلمة "ها" للتنبيه، و"هو" ضمير الشأن، وكلمة "ذا" للإشارة إلى الحاضر، مبتدأ، و"جالس" خبره، والجملة خبر لقوله: "هو"، فلا تحتاج إلى رابط، كما عُرِف في موضعه، قاله في "العمدة" (٢).

وقال في "المشارق": قوله: "فشام السيف، فها هو ذا جالس"، كذا عند شيوخنا، ورواه بعضهم: "جالسًا"، وكلاهما صحيح، إن جَعَلتَ "ذا" خبر المبتدأ كان "جالسًا" نَصْبًا على الحال، وإن جَعَلت "ذا" من صلتها جَعَلت "جالس" رفعًا خبر المبتدأ، وكذلك في هذا الحديث: "والسيف صلتٌ في يده" كذا لأكثرهم على الخبر، وعند القابسيّ: "صلتًا". انتهى (٣).

وقال النوويّ: أما قوله: "صَلْتًا" فبفتح الصاد، وضمها؛ أي: مسلولًا، وأما شَامَه، فبالشين المعجمة، ومعناه: أغمده، ورَدّه في غمده، يقال: شام السيف: إذا سَلّه، وإذا أغمده، فهو من الأضداد، والمراد هنا: أغمده. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ: قوله: "فها هو ذا جالس"؛ هكذا وجدته بخط شيخنا أبي الصَّبر أيوب في نسخته، ووجدته في نسخة أخرى: "فشام السيف، ها هو ذا هو جالس" بإسقاط الفاء، وزيادة "هو"، والأول أحسن؛ لأنَّ الفاء رابطة، و"هو" لا يحتاج إليها، فهي زائدة.

ومعنى هذا الكلام: أن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نبَّه على ذلك الرجل، وأخبر عنه، وأشار إليه، فكأنه قال: تنبَّهوا لهذا الرجل؛ إذ مُنِع مِمَّا همَّ به، واستسلم لِمَا يُفعَلُ فيه، ثم تلافاه النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعفوه وحلمه، وعاد عليه بعوائده الكريمة وصفحه، فلم يَعْرِض له على ما كان منه. انتهى (٥).


(١) راجع: "القاموس المحيط" ص ٧٢٢.
(٢) "عمدة القاري" ١٧/ ١٩٩.
(٣) "مشارق الأنوار" ٢/ ٣٦٣.
(٤) "شرح النوويّ" ١٥/ ٤٥.
(٥) "المفهم" ٦/ ٦١.