للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهَ-: قوله: "من الهدى والعلم"؛ أي: الطريقة والعمل، روي: "من ازداد علمًا، ولم يزدد هدى لَمْ يزدد من الله إلا بُعدًا". انتهى (١).

وقال في "العمدة": فيه عَطْف المدلول على الدليل؛ لأنَّ الهدى هو الدلالة، والعلم هو المدلول، وَجِهة الجمع بينهما هو النظر إلى أن الهدى بالنسبة إلى الغير؛ أي: التكميل، والعلم بالنسبة إلى الشخص؛ أي: الكمال، ويقال: الهدى الطريقة، والعلم هو العمل. انتهى (٢).

(كَمَثَلِ غَيْثٍ) الغَيْثُ: المطر، وغَاثَ اللهُ البلادَ غَيْثًا، من باب ضرب: أنزل بها الغَيْثَ، فالأرض مَغِيثَةٌ، ومَغْيُوثَةٌ، ويُبْنَى للمفعول، فيقال: غِيثَتِ الأرضُ تُغَاثُ، قال أبو عمرو بن العلاء: سمعت ذا الرُّمّة يقول: قاتل الله أَمَةَ بني فلان، ما أفصحها! قلت لها: كيف كان المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنَا مَا شِئْنَا، وغَاثَ الغيثُ الأرضَ غَيْثًا، من باب ضرب أيضًا: نزل بها، وسُمِّي النبات غَيْثًا؛ تسميةً باسم السبب، فيقال: رَعَينا الغَيْثَ، قاله الفيّوميّ: -رَحِمَهُ اللهُ- (٣).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: واختير الغيث على سائر أسماء المطر؛ لِيُؤْذن باضطرار الخلق إليه حينئذ، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} الآية [الشورى: ٢٨]، وقد كان الناس قبل المبعث قد امتُحِنوا بموت القلوب، ونُضُوب العلم، حتى أصابهم الله برحمة من عنده، فأفاض عليهم سِجال الوحي السماويّ، فأشبهت حالهم حال من توالت عليهم السنون، وأخلفتهم المحامل، حتى تداركهم الله بلطفه، وأَرْخت عليهم السماء، غير أنه كان حظّ كلّ فريق من تلك الرحمة على ما ذكره من الأمثلة والنظائر، وإنما ضرب المثل بالغيث للمشابهة التي بينه وبين العلم، فإن الغيث يحيي البلد الميت، والعلم يحيى القلب الميت. انتهى (٤).

(أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَتْ مِنْهَا)؛ أي: من تلك الأرض التي أصابها الغيث


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٢/ ٦١٦.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٧٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٨.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٦١٦.