للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَجُلٍ ابْتَنَى بُيُوتًا، فَأَحْسَنَهَا، وَأَجْمَلَهَا، وَأَكمَلَهَا، إِلَّا مَوْضِعَ لَبنَةٍ، مِنْ زَاوِيةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ، وَيُعْجِبُهُمُ الْبُنْيَانُ، فَيَقُولُونَ: أَلَّا وَضَعْتَ هَا هُنَا لَبِنَةً، فَيَتِمَّ بُنْيَانُكَ"، فَقَالَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-: "فَكُنْتُ أَنَا اللَّبِنَةَ").

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم هذا الإسناد نفسه قبل خمسة أبواب، فلا حاجة إلى إعادة الكلام فيه.

وقوله: (مِنْ زَاوِيةٍ مِنْ زَوَايَاهَا) قال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: الزاوية من البيت: رُكنه، والجمع زوايا. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: زويته أَزويه: جمعتُهُ، وزويتُ المال عن صاحبه زَيًّا أيضًا، وزاوية البيت اسم فاعل من ذلك؛ لأنها جَمَعت قُطْرًا منه. انتهى (٢).

وقوله: (فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ) من الطواف، وهو الدوران؛ أي: يدورون حول ذلك البنيان؛ ليروا محاسنه، ويشاهدوا مفاخره، وقوله: (أَلَّا وَضَعْتَ) بفتح التاء خطابًا للرجل، و"ألا" بفتح الهمزة، وتشديد اللام، ويجوز تخفيفها: أداة تحضيض مختصّة بالجمل الفعليّة الخبريّة (٣). (هَا هُنَا لَبِنَةً) منصوب على المفعوليّة "لوضعتَ"، (فَيَتِمَّ بُنْيَانُكَ") بنصب "يتمّ" بـ "أن" مضمرة بعد الفاء السببيّة في جواب "ألّا"، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَو طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ

أي: ألّا يوجد وَضْع لَبِنة منك، وتمام بنيانك.

(فَقَالَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-: "فَكُنْتُ أَنَا اللَّبِنَةَ") التي نقص البنيان بسبب عدم وضعها في الزاوية.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:

[٥٩٤٦] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا:


(١) "القاموس المحيط" ص ٥٨٢.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٠.
(٣) راجع: "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ١٥٤.