للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أنكرته طائفة من المبتدعة، وأحالوه عن ظاهره، وغَلَوا في تأويله من غير إحالة عقلية، ولا عادية، تلزم من إقراره على ظاهره، ولا منازعة سمعيّة، ولا نقلية تدعو إلى تأويله، فتأويله تحريف صَدَر عن عقل سخيف، خرق به إجماع السلف، وفارق به مذهب أئمة الخلف. انتهى (١).

وقال في "الفتح" -بعد نقل كلام القرطبيّ المذكور- ما حاصله: قلت: أنكره الخوارج، وبعض المعتزلة، وممن كان ينكره: عبيد الله بن زياد أحد أمراء العراق لمعاوية، وولده، فعند أبي داود من طريق عبد السلام بن أبي حازم قال: شهدت أبا بَرْزة الأسلميّ دخل على عبيد الله بن زياد، فحدّثني فلان، وكان في السماط، فذكر قصةً فيها أن ابن زياد ذكر الحوض، فقال: هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فيه شيئًا؛ فقال أبو برزة: نعم، لا مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثًا، ولا أربعًا، ولا خمسًا، فمن كَذَّب به فلا سقاه الله منه.

وأخرج البيهقي في "البعث" من طريق أبي حمزة، عن أبي برزة نحوه، ومن طريق يزيد بن حَيّان التيميّ، شَهِدت زيد بن أرقم، وبعث إليه ابن زياد، فقال: ما أحاديث تبلغني أنك تزعم أن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حوضًا في الجنة؟ قال: حدّثنا بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعند أحمد من طريق عبد الله بن بُريدة، عن أبي سَبْرة -بفتح المهملة، وسكون الموحّدة- الْهُذَليّ قال: قال عبيد الله بن زياد: ما أصدِّق بالحوض، وذلك بعد أن حدثه أبو برزة، والبراء، وعائذ بن عمرو، فقال له أبو سبرة: بعثني أبوك في مال إلى معاوية، فلقيني عبد الله بن عمرو، فحدّثني، وكتبته بيدي من فيه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "موعدكم حوضي. . ." الحديث، فقال ابن زياد حينئذ: أشهد أن الحوض حقّ.

وعند أبي يعلى من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس: دخلت على ابن زياد، وهم يذكرون الحوض، فقال: هذا أنس، فقلت: لقد كانت عجائز بالمدينة كثيرًا ما يسألن ربهنّ أن يسقيهنّ من حوض نبيّهنّ، وسنده صحيح.

قال الحافظ: وروينا في "فوائد العيسويّ" وهو في البعث للبيهقيّ من


(١) "المفهم" ٦/ ٩٠.