للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي ذَزٍّ) الغفاريّ -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ؟)؛ أَي: ما عدد آنيته؟ فالسؤال للعدد؛ لا لنوع الآنية، بدليل الجواب. (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) فيه إثبات اليد لله -سبحانه وتعالى- على ما يليق بجلاله (لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَكَوَاكِبِهَا) بالجر عطفًا على "نجوم"، من عَطْف المرادف؛ إذ هما بمعنى واحد. (أَلَا) بفتح الهمزة، وتخفيف اللام: أداة استفتاح وتنبيه. (فِي اللَّيْلَةِ) متعلّق بمحذوف خبر لمبتدأ مقدّر؛ أي: ذلك كائن في الليلة، وقوله: (الْمُظْلِمَةِ)؛ أي: التي لا قمر فيها، نعت لـ "الليلة"، وَصَفها بها؛ لأن الليلة المقمرة لا تكون فيها النجوم واضحة؛ لاستتارها بضوء القمر، وقوله: (الْمُصْحِيَةِ)؛ أي: التي لا غيم فيها، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: أَصْحَتِ السماءُ، بالألف، فهي مُصْحِيَةٌ: انكشف غيمها، وأنكر الكسائيّ استعمال اسم الفاعل من الرباعيّ، فقال: لا يقال: أَصْحَتْ، فهي مُصْحِيَةٌ، وإنما يقال: أَصحَتْ فهي صَحْوٌ، وأَصْحَى اليومُ، فهو مُصْحٍ، وأَصْحَيْنَا: صِرْنا في صَحْوٍ، قال السِّجِستانيّ: والعامة تظنّ أن الصَّحْوَ لا يكون إلا ذَهَاب الغيم، وليس كذلك، وإنما الصَّحْوُ: تفرّق الغيم، مع ذهاب البرد. انتهى (١).

ووصف الليلة أيضًا بكونها مصحية؛ لأن وجود الغيم يمنع من رؤيتها. وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "ألا في الليلة المظلمة المصحية" بتخفيف "ألا" وهي للاستفتاح، وخَصَّ الليلة المظلمة المصحية؛ لأن النجوم تُرَى فيها أكثر، والمراد بالمظلمة التي لا قمر فيها، مع أن النجوم طالعة، فإن وجود القمر يستر كثيرًا من النجوم. انتهى (٢).

وقوله: (آنِيَةُ الْجَنَّةِ) قال النوويّ -رحمه اللهُ-: ضَبَطه بعضهم برفع "آنيةُ"، وبعضهم بنصبها، وهما صحيحان، فمن رفع فخبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي آنية الجنة، ومن نصب فبإضمار "أعني"، أو نحوه. انتهى (٣).

(مَنْ شَرِبَ مِنْهَا)؛ أي: من تلك الآنية؛ أي: من الشراب الذي فيها،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٦٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٦٠.