للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "التهذيب" عن ابن الأعرابيّ: يقال للمِئْزَاب: مِرْزَاب، ومِزْرَابٌ، بتقديم الراء المهملة، وتأخيرها، ونَقَلَهُ الليث، وجماعة. انتهى (١).

وقوله: (مِنَ الْجَنَّةِ) صفة لـ "ميزاب".

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "يشخُب فيه ميزابان من الجنة"؛ أي: يسيل، وهو بالشين، والخاء المعجمتين، والشخب -بالفتح في الشين- المصدر، وهو السيلان، وبالضم: الاسم، يقال في المثل: شُخب في الأرض وشُخب في الإناء، وأصل ذلك في الحالب المفرط، وفي الرواية الأخرى: "يَغُتُّ" بِالْغين المعجمة، وبالمثناة فوق (٢)؛ وسيأتي الكلام فيها.

(مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ) هذا صريح في كون الحوض متساوي الأركان، كما سبق في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- بلفظ صريح كذلك: "وزواياه سواء"، وفيه ردّ على من جَمَع بين مختلف الروايات بحمل بعضها على العرض، وبعضها على الطول؛ لأنه إذا استوت أركانه، فقد بَطَل الحَمْل المذكور، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ)؛ يعني: أن طوله يكون بمقدار المسافة التي بينهما، قال النوويّ -رحمه الله-: وأما "عَمّان" فبفتح العين، وتشديد الميم، وهي بلدة بالبلقاء من الشام، قال الحازميّ: قال ابن الأعرابيّ: يجوز أن تكون فَعْلان، من عَمّ يَعُمّ، فلا تنصرف معرفةً، وتنصرف نكرةً، قال: ويجوز أن يكون فَعّالًا، من عَمَنَ، فتنصرف معرفةً ونكرةً؛ إذا عُنِي بها البلد. انتهى، قال النوويّ: والمعروف في روايات الحديث وغيرها تَرْك صَرْفها. انتهى (٣).

وقال صاحب "التكملة": قوله: "ما بين عمان إلى أيلة" ضبطه القاضي عياض بفتح العين، وتشديد الميم، وهي عَمّان البلقاء، عاصمة الأردنّ اليوم، ولكن جزم الحافظ في "الفتح" بأنه عُمَان بضمّ العين، وتخفيف الميم، وهو البلد المعروف بالخليج اليوم الذي عاصمته مسقَط، وبذلك جزم البكريّ، قال: ويبدو أنه الأصحّ؛ لكون مسافة ما بين أيلة وعَمّان البلقاء قريبةً، بخلاف


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٢ - ١٣.
(٢) "المفهم" ٦/ ٩٧.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٥٨.