فبغداديّ، ومسلسل بالتحديث والسماع، وفيه أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبق القول
فيه في الحديث الماضي.
شرح الحديث:
عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْب أنه (قَالَ: حَدَّثنَا أنس بْنُ مَالِكٍ) -رضي الله عنه- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"لَيَرِدَنَّ عَلَى الْحَوْضَ رِجالٌ، مِمَّنْ صَاحَبَني) بيان لـ "رجال"، ولفظ البخاريّ: "لَيَردنّ عليّ ناسٌ من أُصيحابيّ الحوضَ حتى إذا عرفتهم اختُلِجوا دوني". (حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ، وَرُفِعُوا إِليَّ) ببناء الفعل للمفعول، (اخْتُلِجُوا) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: اقتُطعوا، وأُخرجوا من بين الواردين. (دُوني)؛ أي: قبل وصولهم إليّ، (فَلأقولَنَّ: أَيْ رَبِّ) "أي" حرف نداء للبعيد، ولكن هنا مستعمل للقريب؛ لأن الله -عز وجل- قريب ممن دعاه، كما قال -عز وجل-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [البقرة: ١٨٦]، و "ربّ" منادى يجوز تثليث بائه المشدّد، وقد تقدَّم أن فيه ستّ لغات، فلا تغفل. (أُصَيْحَابِي، أُصَيْحَابِي) بالتصغير مكرّرًا، ووقع في رواية عند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "فأقول: أصحابي" مكبَّرًا دون تكرار، وهو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هؤلاء أصيحابي.
وقال النوويّ -رحمه الله-: وأمَّا قوله: "أصيحابي" فوقع في الروايات مُصغّرًا مُكرّرًا، وفي بعض النسخ: "أصحابي، أصحابي" مُكَبَّرًا مُكرّرًا، قال القاضي: هذا دليل لصحة تأويل من تأول أنهم أهل الرِّدّة، ولهذا قال فيهم: "سُحْقًا سُحْقًا"، ولا يقول ذلك في مذنبي الأمة، بل يَشفع لهم، ويهتمّ لأمرهم، قال: وقيل: هؤلاء صنفان: أحدهما: عصاة مرتدون عن الاستقامة، لا عن الإسلام، وهؤلاء مُبَدّلون للأعمال الصالحة بالسيئة، والثاني: مرتدون إلى الكفر حقيقة، ناكصون على أعقابهم، واسم التبديل يشمل الصنفين. انتهى (١).
(فَلَيُقَالَنَّ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي)؛ أي: لا تعلم (مَا) موصولة مفعول "تدري" (أَحْدَثُوا بَعْدَكَ") هذا يشمل الردّة عن الإسلام، والردّة عن سنّته المطهّرة، من إحداث البدع، والشركيّات، وكلّ ما هو مضادّ لشريعته -صلى الله عليه وسلم-.