للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذه الجملة على ما بعدها، وإن كانت لا تتعلق بالقرآن على سبيل الاحتراس من مفهوم ما بعدها، ومعنى "أجود الناس": أكثر الناس جُودًا، والجود: الكرم، وهو من الصفات المحمودة، وقد أخرج التِّرمذيّ من حديث سعد -رضي الله عنه-، رفعه: "إن الله جَوَاد يُحب الجود … "، الحديث، وله من حديث أنس -رضي الله عنه-، رفعه: "أنا أجْود ولد آدم، وأجْودهم بعدي رجل عَلَّمَ عِلْمًا فنشر علمه، ورجل جاد بنفسه في سبيل الله" وفي سنده مقال، وقد تقدَّم في الباب الماضي من حديث أنس - رضي الله عنه -: "كان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أشجع الناس، وأجود الناس. . ." الحديث.

وقال في "العمدة": قوله: "أجود الناس" هوأفعل تفضيل، من الجود، وهو العطاء؛ أي: أعطى ما ينبغي لمن ينبغي، ومعناه أنه أسخى الناس لَمّا كانت نفسه أشرف النفوس، ومزاجه أعدل الأمزجة، لا بدّ أن يكون فِعله أحسن الأفعال، وشكله أملح الأشكال، وخُلُقه أحسن الأخلاق، فلا شكّ بكونه أجود، وكيف لا، وهو مستغنٍ عن الفانيات بالباقيات الصالحات؟. انتهى (١).

(وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ) برفع "أجود" هكذا في أكثر الروايات، و "أجود" اسم "كان"، وخبره محذوف، وهو نحو: أخطب ما يكون الأمير في يوم الجمعة، أو هو مرفوع على أنه مبتدأ مضاف إلى المصدر، وهو: "ما يكون"، و "ما" مصدريّة، وخبره "في رمضان"، والتقدير: أجود أكوان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان، وإلى هذا جنح البخاريّ في تبويبه في "كتاب الصيام"؛ إذ قال: "باب أجود ما كان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان".

وفي رواية الأصيليّ: "أجود" بالنصب على أنه خبر "كان".

وتُعقّب بأنه يلزم منه أن يكون خبرها اسمها.

وأُجيب بجعل اسم كان ضمير النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، و "أجود" خبرها، والتقدير: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُدَّة كونه في رمضان أجود منه في غيره (٢).


(١) "عمدة القاري" ١/ ٧٥.
(٢) تعقّب العينيّ على الحافظ هذا الوجه، فقال في "عمدته" ١/ ٧٦: هذا لا يصحّ؛ لأن كان إذا كان فيه ضمير النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يصح أن يكون "أجود" خبرًا لـ "كان"؛ =