للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما الخُلُق فهو بضم الخاء واللام، ويجوز سكونها، قال الراغب: الْخَلْق، والْخُلُق؛ يعني: بالفتح، وبالضم، في الأصل بمعنى واحد؛ كالشَّرْب، والشُّرْب، لكن خُصّ الْخَلْق الذي بالفتح بالهيئات، والصور المدرَكة بالبصر، وخُصَّ الْخُلُق الذي بالضم بالقُوَى والسَّجَايا المدرَكة بالبصيرة. انتهى.

وقد كان النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم كما حَسَّنت خَلْقي فحَسِّن خُلُقي"، أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان، وفي حديث عليّ - رضي الله عنه - الطويل في دعاء الافتتاح عند مسلم: "واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت".

وقال القرطبيّ في "المفهم": الأخلاق أوصاف الإنسان التي يُعَامِل بها غيره، وهي محمودة، ومذمومة، فالمحمودة على الإجمال: أن تكون مع غيرك على نفسك، فتُنْصِف منها، ولا تُنْصِف لها، وعلى التفصيل: العفو، والحلم، والجود، والصبر، وتحمل الأذى، والرحمة، والشفقة، وقضاء الحوائج، والتوادُّ، وَليْن الجانب، ونحو ذلك، والمذموم منها ضدّ ذلك.

وأما السخاء فهو بمعنى: الْجُود، وهو بَذْل ما يُقتَنَى بغير عِوَض، وعَطْفه على حسن الخلق من عَطْف الخاصّ على العامّ، وإنما أفرد للتنويه به.

وأما البخل فهو ضدّه، وليس من صفات الأنبياء، ولا أجلّة الفضلاء، وقيل: البخل مَنْع ما يُطلب مما يُقتنى، وشَرُّه ما كان طالبه مستحقّاً، ولا سيما إن كان من غير مال المسؤول.

وأشار بقوله: "وما يُكره من البخل" إلى أن بعض ما يجوز إطلاق اسم البخل عليه قد لا يكون مذمومًا. انتهى (١).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٥٩٩٤] (٢٣٠٩) - (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانيِّ، عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ سِنِينَ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟، وَهَلَّا


(١) "الفتح" ١٣/ ٥٨٤ - ٥٨٥، كتاب "الأدب" رقم (٦٠٣٣)، و "عمدة القاري" ٢٢/ ١١٨.