للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ: قوله: "أشكل العينين": قال أبو عبيد: الشُّهلة: حمرة في سواد العين، والشُّكلة: حمرة في بياضها، وهو محمود، قال صاحب "الأفعال": شَكِلَت العين -بكسر الكاف-، شُكْلَة، وشُكْلًا: إذا خالط بياضها حمرة، قال القرطبيّ: ونحو هذا في "الصحاح"، وزاد: عين شَكْلاء: بيّنة الشَّكَل، ورجل أشكل، ودمٌ أشكل: إذا كان فيه بياض وحمرة، وهذا هو المعروف عند أهل اللغة، فأمَّا ما فسَّره به سماك من أنه طويل شق العين، فغير معروف عندهم، ولم أقف على من قاله غيره. انتهى (١).

وقال في "اللسان": قال أبو عبيد: الشُّكلة كهيئة الْحُمْرة، تكون في بياض العين، فإذا كانت في سواد العين فهي شُهْلة، وأنشد [من الطويل]:

وَلَا عَيْبَ فِيهَا غَيْرُ شُكْلَةِ عَيْنِهَا … كَذَاكَ عِتَاقُ الطَّيْرِ شَكْلٌ عُيُونُهَا

عِتَاقُ الطير: هي الصُّقُور، والْبُزَاة، ولا توصف بالحمرة، ولكن توصف بزُرْقة العين، وشُهلتِها، قال: ويُروى هذا البيت: غَيْرُ شُهْلة عينها، وقيل: الشُّكلة في العين: الصُّفرة التي تخالط بياض العين الذي حول الحدقة، على صفة عين الصقر، ثم قال: ولكنا لم نسمع الشُّكْلة إلا في الحمرة، ولم نسمعها في الصفرة، وأنشد:

وَنَحْنُ حَفَزْنَا (٢) الْحَوْفَزَانَ (٣) بِطَعْنَةٍ … سَقَتْهُ نَجِيعًا مِنْ دَمِ الْجَوْفِ أَشْكَلَا

قال: فهو هنا حُمرة لا شكّ فيه، وقوله في صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان ضَلِيع الفم، أشكل العين، منهوس العقبين" فسّره سماك بن حرب بأنه طويل شقّ العين، قال ابن سِيدَهْ: وهذا نادرٌ، قال: ويمكن أن يكون من الشُّكلة المتقدمة، وقال ابن الأثير: أشكلُ العين؛ أي: في بياضها شيء من حمرة، وهو محمود محبوب، يقال: ماءٌ أشكل: إذا خالطه الدم، وفي حديث مقتل عمر -رضي الله عنه-: "فخرج النبيذ مُشْكِلًا"؛ أي: مختلطًا بالدم، غير صريح، وكل


(١) "المفهم" ٦/ ١٣٨.
(٢) أي: طعنّا بالرمح.
(٣) "الْحَوْفَزَان" لقب الحارث بن شَرِيك الشيبانيّ، لُقّب بذلك؛ لأن قيس بن عاصم التميميّ حفزه بالرمح؛ أي: طعنه حين خاف أن يفوته. انتهى. "الصحاح" ص ٢٤٧.