للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَرَى رَجُلًا مِنْكُمْ أَسِيفًا كَأَنَّمَا … يَضُمُّ إِلَى كَشْحَيْهِ كَفًّا مُخَضَّبَا

ذكّره على إرادة العضو، أو على قوله [من المتقارب]:

فَلَا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا … وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا

ويجوز أن يكون صفة لرجل، أو حالًا من المضمر في "يضمّ"، أو المخفوضِ في "كشحيه".

وخضَب الرجل شيبه بالحنّاء يَخضِبه، والْخِضاب: الاسم. قال السهيليّ: عبد المطّلب أول من خضب بالسواد من العرب. ويقال: اختضب الرجل، واختضبت المرأة، من غير ذِكر الشعر. وكلُّ ما غُيّر لونه فهو مخضوبٌ، وخَضِيبٌ، وكذلك الأنثى، يقال: كفّ خَضِيبٌ، وامرأة خَضِيبٌ، والجمع خُضُبٌ. قال في "التهذيب": كلُّ لون غَيَّرَ لونَهُ حمرةٌ فهو مخضوبٌ. انتهى (١).

(قَالَ) أنس (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا)؛ أي: إلا قليلًا، كما أشار إليه بقوله: (قَالَ) عبد الله (بْنُ إِدْرِيسَ) الراوي عن هشام بن حسّان، (كَأَنَّهُ)؛ أي: كأن أنسًا -رضي الله عنه- (يُقَلِّلُهُ)؛ أي: يشير بكلامه هذا إلى قلّة شيبه -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية النسائيّ: "قال: لم يبلغ ذلك، إنما كان شيء في صُدغيه"؛ أي: قَالَ أنس -رضي الله عنه-: لَمْ يَبْلُغْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حال الخضب، فإنه لم يَشِب شيبًا يحتاج معه إلى الخضاب، وإِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ من الشيب فِي صُدْغَيْهِ.

وفي رواية للنسائيّ أيضًا: "لَمْ يَكُنْ يَخْضِبُ، إِنَّمَا كَانَ الشَّمَطُ عِنْدَ الْعَنْفَقَةِ يَسِيرًا، وَفِي الصُّدْغَيْنِ يَسِيرًا، وَفِي الرَّأسِ يَسِيرًا".

و"الصُّدْغُ" -بضم الصاد، وسكون الدال المهملتين، وآخره غين معجمة-: هو ما بين لَحْظ العين إلى أصل الأذن، وجمعه أَصْداغ، مثلُ قُفْل وأقفال، ويُسمّى الشعر الذي تدلّى على هذا الموضع صُدْغًا. قاله في "المصباح".

وقوله: "إنما كان الشمط" -بفتحتين-: هو بياض الرأس، يخالط سواده، والفعل كفرح.

وقوله: "عند العَنْفَقَة" -بفتح العين المهملة، والفاء، بينهما نون ساكنة-: شُعيرات بين الشفة السفلى والذَّقَنِ. أفاده في "القاموس".


(١) "لسان العرب" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.