للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأس الأربعين قُرِن به ميكائيل، أو إسرافيل، فكان يُلقي إليه الكلمة، أو الشيء مدة ثلاث سنين، كما جاء من وجه مرسل، ثم قُرِن به جبريل، فكان ينزل عليه بالقرآن مدة عشر سنين بمكة. انتهى (١).

قَالَ عمرو بن دينار: (قُلْتُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: بِضْعَ عَشْرَةَ) بيّنت الرواية السابقة، واللاحقة أن المراد بالبضع ثَلَاثَ عَشْرَةَ؛ يعني: أنه لبث -صلى الله عليه وسلم- بمكة ثلاثة عشرة سنة.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "فإنَّ ابن عباس يقول: بضع عشرة" قد تقدَّم أن الأشهر في البضع أنه من الثلاث إلى التسع، فيصلح البضع هنا لقول ابن عباس الثلاث عشرة، والخمس عشرة، فأنكر عروة ذلك. انتهى.

(قَالَ) عمرو (فَغَفَّرَهُ)؛ أي: دعا عروة لابن عبّاس -رضي الله عنهما- بالمغفرة، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: هكذا هو في جميع نُسخ بلادنا: "فَغَفّره" بالغين، والفاء، وكذا نقله القاضي عن رواية الْجُلوديّ؛ ومعناه: دعا له بالمغفرة، فقال: غفر الله له، وهذه اللفظة يقولونها غالبًا لمن غَلِطَ في شيء، فكأنه قال: أخطأ، غفر الله له، قال القاضي: وفي رواية ابن ماهان: "فَصَغَّره" بصاد مهملة، ثم غين معجمة؛ أي: استصغره عن معرفته هذا، وإدراكه ذلك، وضَبْطه، وإنما أسند فيه إلى قول الشاعر، وليس معه عِلم بذلك، ويرجح القاضي هذا القول. انتهى.

وقال القرطبيّ: قوله: "فغَفَّرَ" من المغفرة، وهي رواية الجلوديّ؛ أي: قال: غفر الله له، وفي رواية ابن ماهان: فصغَّره من الصِّغَر؛ أي: أشار إلى أن ابن عباس كان صغيرًا في ذلك الوقت، فلم يضبطه؛ لِصِغَره، وقيل: إنه وُلد في الشِّعْب قبل الهجرة بثلاث سنين، وهذا هو المناسب لقول عروة. انتهى (٢).

(وَقَالَ) عروة (إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ)؛ أي: إنما أخذ قوله: "بضع عشرة" من قول الشاعر، وهو أبو قيس صِرْمة بن أبي أنس، حيث يقول [من الطويل]:


(١) "الفتح" ١١/ ١٥٤ - ١٥٥، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٤٩٧٨).
(٢) "المفهم" ٦/ ١٤٢.