للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عند ابن عديّ، ومن مرسل مجاهد، عند ابن سعد. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: سأذكر ما في رواياتهم من زيادة فائدة تبعًا للحافظ رَحِمَهُ اللهُ، والله تعالى وليّ التوفيق.

(أَنَّ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ)، وفي الرواية التالية: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لي أسماءً خمسةً: أنا محمد … إلخ"، و"محمّد": اسم مفعول من حُمّد المضعّف المبنيّ للمفعول. (وَأَنا أَحْمَدُ) أفعل تفضيل من حَمِدَ مبنيًّا للفاعل، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قال أهل اللغة: يقال: رجل مُحَمَّد، ومحمود: إذا كَثُرت خصاله المحمودة، وقال ابن فارس وغيره: وبه سُمّي نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- محمدًا، وأحمد؛ أي: ألهم الله تعالى أهله أن سَمَّوه به؛ لِمَا عُلِم من جميل صفاته -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا محمد، وأنا أحمد" كلاهما مأخوذ من الحمد، وقد تكلَّمنا على الحمد في أول الكتاب، فمحمَّد: مُفَعَّلٌ من حَمَّدت الرجلَ مشددًا: إذا نَسَبت الحمدَ إليه، كما يقال: شجَّعت الرجلَ، وبحَّلته: إذا نسبت ذلك إليه، فهو بمعنى المحمود، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحقّ الخلق بهذا الاسم، فإنَّ الله تعالى قد حَمِده بما لم يحمد به أحدًا من الخلق، وأعطاه من المحامد ما لم يُعطِ مثله أحدًا من الخلق، ويُلهمه يوم القيامة من محامده تعالى ما لا يُلهمه أحدًا من الخلق، وقد حَمِده أهل السماوات والأرض، والدنيا، والآخرة حمدًا لم يُحْمَد به أحدٌ من الخلق، فهو أحمد المحمودِين، وأحمد الحامدِين. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" ما حاصله: هذان الاسمان -يعني: محمدًا، وأحمد- أشهر أسمائه -صلى الله عليه وسلم-، وأشهرهما محمد، وقد تكرر في القرآن، وأما أحمد فذُكر فيه حكايةً عن قول عيسى عليه السلام، فأما محمد فمن باب التفعيل للمبالغة، وأما أحمد فمن باب التفضيل، وقيل: سُمّي أحمد؛ لأنه عَلَم منقول من صفة، وهي أفعل التفضيل، ومعناه أحمد الحامدين، وسبب ذلك ما ثبتٌ في "الصحيحين"


(١) "الفتح" ٨/ ١٨٦ - ١٨٧، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣٢).
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٠٤.
(٣) "المفهم" ٦/ ١٤٥.