للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"مبهماته" عن شيخه أبي الحسن بن مُغِيث، أنه ثابت بن قيس بن شَمّاس، قال: ولم يأت على ذلك بشاهد.

قال الحافظ: وليس ثابت بدريًّا. وحَكَى الواحدي أنه ثعلبة بن حاطب الأنصاري، الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية [التوبة: ٧٥]، ولم يذكر مستَنَده، وليس بدريًا أيضًا، نعم ذكر ابن إسحاق في البدريين ثعلبة بن حاطب، وهو من بني أمية بن زيد، وهو عندي غير الذي قبله؛ لأنَّ هذا ذَكر ابن الكلبي أنه استُشهِد بأُحُد، وذاك عاش إلى خلافة عثمان. وحَكَى الواحدي أيضًا، وشيخه الثعلبي، والمهدوي: أنه حاطب بن أبي بلتعة.

وتُعُقّب بأن حاطبًا، وإن كان بدريًا، لكنه من المهاجرين، لكن مستند ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم، من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، في قوله تعالى: فَلَاوَرَئمكَ لَا لؤينُولتَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: ٦٥]، قال: نزلت في الزبير بن العوام، وحاطب بن أبي بلتعة، اختصما في ماء … الحديث، وإسناده قوي مع إرساله، فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير، فيكون موصولًا، وعلى هذا فيُؤَوّل قوله: "من الأنصار" على إرادة المعنى الأعم، كما وقع ذلك في حق غير واحد؛ كعبد اللُّه بن حُذَافة.

وأما قول الكرماني بأن حاطبًا كان حليفًا للأنصار، ففيه نظر. وأما قوله: "من بني أمية بن زيد"، فلعله كان مسكنه هناك؛ كعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

وذكر الثعلبي بغير سند: أن الزبير وحاطبًا لَمّا خرجا مَرّا بالمقداد، قال: لمن كان القضاء؟ فقال حاطب: قَضَى لابن عمته، ولوى شِدْقه، فَفَطَنَ له يهودي، فقال: قاتل الله هؤلاء، يشهدون أنه رسول الله، ويتهمونه. وفي صحة هذا نَظَر. ويترشح بأن حاطبًا كان حليفًا لآل الزبير بن العوام، من بني أسد، وكأنه كان مجاورًا للزبير. والله أعلم.

وأما قول الداودي، وأبي إسحاق الزجاج، وغيرهما: إن خصم الزبير كان منافقًا، فقد وجّهه القرطبي بأن قول من قال: إنه كان من الأنصار؛ يعني: نسبًا، لا دِينًا، قال: وهذا هو الظاهر من حاله. ويحتمل أنه لَمْ يكن منافقًا، ولكن أصدر ذلك منه بادرةُ نفس، وزلّة شيطان، كما قد اتّفق لحاطب بن أبي