للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستحضار العظمة الإلهية، على وجه لَمْ يجتمع لغيره، ويشير إلى ذلك قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "إن أتقاكم، وأعلمكم بالله لأنا". انتهى (١).

(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ)؛ أي: من ذلك اليوم الذي خطب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه هذه الخطبة البليغة، (قَالَ) أنس (غَطَّوْا) بفتح الطاء المشدّدة، وأصله: غَطَّيُوا بوزن تكلّموا، فقُلبت الياء ألفًا؛ لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، ثمّ حُذفت لالتقائها ساكنة مع واو الضمير؛ أي: ستروا (رُؤُوسَهُمْ، وَلَهُمْ خَنِينٌ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو بالخاء المعجمة، هكذا هو في معظم النُّسخ، ولمعظم الرواة، ولبعضهم بالحاء المهملة، وممن ذكر الوجهين القاضي عياض، وصاحب "التحرير"، وآخرون، قالوا: ومعناه بالمعجمة: صوت البكاء، وهو نوع من البكاء دون الانتحاب، قالوا: وأصل الخنين: خروج الصوت من الأنف كالحنين -بالمهملة- من الفم، وقال الخليل: هو صوت فيه غُنّة، وقال الأصمعيّ: إذا تردّد بكاؤه، فصار في حوته غُنّة فهو خنين، وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين، وهو شدة البكاء. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": قوله: "لهم حنين" بالحاء المهملة في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهنيّ بالخاء المعجمة، قال النوويّ: هكذا في معظم النُّسخ، ولمعظم الرواة؛ يعني: بالمعجمة، قال القرطبيّ: وهو المشهور، وهو خروج الصوت من الأنف بغنة، وفي "التوضيح": وعند العذريّ بحاء مهملة، وممن ذكرها القاضي، وصاحب "التحرير"، وذكر القزاز أنه قد يكون الحنين والخنين واحدًا، إلَّا أن الذي بالمهملة من الصدر، وبالمعجمة من الأنف، وقال ابن سِيدهْ: الحنين من بكاء النساء دون الانتحاب، وقيل: هو تردد البكاء حتى يصير في الصوت غنة، وقيل: هو رفع الصوت بالبكاء، وقيل: هو صوت يخرج من الأنف حتى يَخِنّ، والخنين أيضًا الضحك؛ إذا أظهره الإنسان، فخرج خافيًا، وقال في الحاء المهملة: الحنين: الشديد من البكاء، والطرب، وقيل: هو صوت الطرب، كان ذلك عن حزن، أو فَرَح. وقال الخطابيّ: الحنين: بكاء دون الانتحاب.


(١) "فتح الباري" ١١/ ٥٢٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١١٢ - ١١٣.