للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعلت واكتسبت (بَعْضَ مَما تُقَارِفُ نِسَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ)؛ أي: من الزنا، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أما قولها: "قارفت": فمعناه: عَمِلت سُوءًا، والمراد: الزنى، والجاهلية هم مَن قبل النبوة، سُمُّوا به؛ لكثرة جهالاتهم، وكان سبب سؤاله أن بعض الناس كان يَطْعُن في نسبه، على عادة الجاهلية من الطعن في الأنساب، وقد بُيِّن هذا في الحديث الآخر بقوله؛ "كان يُلاحَى، فيُدعَى لغير أبيه"، والْمُلاحاة: المخاصمة، والسِّباب (١). (فَتَفْضَحَهَا) بفتح حرف المضارعة، والضاد المعجمة، يقال: فضحته فَضْحًا، من باب نَفَع: إذا كشفته، والفضيحة: العيب، والجمع فضائح (٢).

وقال النوويّ: معناه: لو كنتَ من زنا، فنفاك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن أبيك حُذافة، فضحتني (عَلَى أَعْيُن النَّاسِ؟)؛ أي: عَلَنًا وجهرًا. (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ) ردًّا على أمه (وَاللهِ لَوْ أَلْحَقَنِي) النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: ذكر نسبي الحقيقيّ (بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ)؛ أي: انتسبت إلى ذلك العبد الأسود، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قد يقال: هذا لا يُتَصَوَّر؛ لأن الزنى لا يَثبُت به النسب.

ويجاب عنه بأنه يَحْتَمِل وجهين:

أحدهما: أن ابن حُذافة ما كان بلغه هذا الحكم، وكان يظنّ أن ولد الزنى يَلحَق الزاني، وقد خَفِي هذا على أكبر منه، وهو سعد بن أبي وقاص حين خاصم في ابن وَليدة زَمْعة، فظنّ أنه يَلحق أخاه بالزنى.

والثاني: أنه يُتصوّر الإلحاق بعد وطئها بشبهة، فيثبت النسب منه، والله أعلم. انتهى (٣).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه قبل حديث، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦١٠٤] (. . .) - (حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ (ح) وَحَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَان، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ،


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١١٤.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٧٥.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١١٤.