للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مرتبة يونس - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنَّ أقلّ مراتب النبوة لا يلحقها من ليس من الأنبياء، وهذا المعنى صحيح، والذي صدّرنا به الكلام أحسن منه. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: لِعَبْدِي) أشار به إلى الاختلاف الواقع بين شيوخه الثلاثة، فأبو بكر، وابن بشار قالا: "لا ينبغي لعبد لي" باللام، وقال ابن المثنّى: "لعبدي" بالإضافة، ولا يختلف به المعنى، ووقع في بعض النسخ: "لعبدٍ" بالتنوين. (أَنْ يَقُولَ: أَنَا) تقدّم أن الضمير للمتكلّم، وهو الظاهر، أو للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى -عَلَيْهِ السَّلَام-") -بفتح الميم، وتشديد التاء المثناة من فوقُ وبالألف، وهو اسم أبيه، كما سيأتي صريحًا، وفي "جامع الأصول": وقيل: هو اسم أمه، ويقال: لَمْ يشتهر نبي بأمه غير يونس، والمسيح -عَلَيْهِ السَّلَام-. وقال الفربريّ: وكان مَتَّى رجلًا صالحًا، من أهل بيت النبوة، فلم يكن له ولدٌ ذَكَر، فقام إلى العين التي اغتَسَل منها أيوب، فاغتسل هو وزوجته منها، وصلّيا، ودعوا الله أن يرزقهما رجلًا مباركًا يبعثه الله في بني إسرائيل، فاستجاب الله دعاءهما، ورزقهما يونس، وتُوُفي مَتّي، ويونس في بطن أمه، وله أربعة أشهر، وقد قيل: إنه من بني إسرائيل، وإنه من سبط بنيامين، وقال الكرمانيّ: وهو ذو النون، أرسله الله إلى أهل الموصل، وذهب قوم إلى أن نبوّته بعد خروجه من بطن الحوت، وقال العلماء بأخبار القدماء: كان يونس من أهل القرية، من قرى الموصل، يقال لها: نِينُوَي، وكان قومه يعبدون الأصنام، وعن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: بعث الله يونس بن متّى إلى قومه، وهو ابن ثلاثين سنةً، فأقام فيهم يدعوهم إلى الله ثلاثًا وثلاثين سنةً، فلم يؤمن به إلَّا رجلان، أحدهما روبيل، وكان عالِمًا حكيمًا، والآخر تنوخا، وكان زاهدًا عابدًا، ذكره في "العمدة" (٢).

وقوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ) أشار به إلى أبا بكر بن أبي شيبة قال في روايته: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عن شُعْبَةَ"، فرواه


(١) "المفهم" ٦/ ٢٢٣ - ٢٢٦.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ٢٩٣.