للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وستين بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة -رضي الله عنهم- (ع) تقدم في "الإيمان" ٦/ ١٢٤.

والباقون ذُكروا قبله.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسل بالبصريين من أوله إلى آخره، وفيه ابن المثنّي، وابن بشّار سبق القول فيهما في الحديث الماضي، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- الحبر البحر، أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، وآخر من مات من الصحابة -رضي الله عنهم- بالطائف.

شرح الحديث:

(عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة السدوسيّ البصريّ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ) رُفيع بن مهران الرِّياحيّ (يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)، وقوله: (يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ) من كلام قتادة، حيث لَمْ يصرّح أبو العالية باسمه، فأوضحه بـ"يعني" (عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أنه (قَالَ: "مَا) نافية، (يَنْبَغِي لِعَبْدٍ) من عباد الله تعالى (أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى") لفظ "أنا" واقع موقع "هو"، ويكون راجعًا إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويَحْتَمِل أن يكون المراد به نفس القائل، فحينئذ "كَذَب" بمعنى كَفَر، كَنَى به عن الكفر؛ لأنَّ هذا الكذب مساوٍ للكفر، كذا في "المرقاة"، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الضمير في "أنا" قيل: يعود إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: يعود إلى القائل؛ أي: لا يقول ذلك بعض الجاهلين، من المجتهدين في عبادة، أو علم، أو غير ذلك، من الفضائل، فإنه لو بلغ من الفضائل ما بلغ لَمْ يبلغ درجة النبوة، ويؤيد هذا التأويل الرواية التي قبله، وهي قوله: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متّى". انتهى (١).

وقوله: (وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ)؛ أي: حيث قال: يونس بن مَتَّى -بفتح الميم، وتشديد المثناة، مقصورًا- وفيه ردّ لِمَا وقع في تفسير عبد الرزاق أنه اسم


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٣٢ - ١٣٣، و"تحفة الأحوذيّ" ٩/ ٨٥.