عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس، وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك".
ثم اعترض بين المتعاطفين بتفسير بعض الرواة للمراد من الحديث، فقال:(قَالَ مُحَمَّدٌ)؛ أي: ابن أبي حرملة مفسّرًا للحديث حسب ما رآه، (وَلَا أَقُولُ: ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ) اسم الإشارة مبتدأ، خبره الجارّ والمجرور؛ يعني: أن دخول هؤلاء الثلاثة على النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس في يوم واحد، وإنما هو في أيام متعدّدة.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله محمد بن أبي حرملة، محْتَمِل، لا مجزوم به؛ إذ يَحْتَمِل أن يكون في يوم واحد؛ إذ لا مانع من ذلك، والله تعالى أعلم.
وقوله:(فَدَخَلَ) معطوف على "فاستأذن"، وما قبله جملة معترضة، (فَتَحَدَّثَ)، وفي الرواية التالية عن عثمان: "فقضيتُ إليه حاجتي، ثم انصرفتُ".
(فَلَمَّا خَرَجَ) عثمان -رضي الله عنه- (قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي الله عنها- متعجبّة من فِعل النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومستفسرةً ذلك، (دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ) -رضي الله عنه- (فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في جميع نُسخ بلادنا: "تهتش" بالتاء بعد الهاء، وفي بعض النسخ الطارئة بحذفها، وكذا ذكره القاضي، وعلى هذا فالهاء مفتوحة، يقال: هَشّ يَهَشّ، كشَمَّ يَشَمّ، وأما الهشّ الذي هو خَبْط الورق من الشجر، فيقال منه: هَشّ يَهُشّ، بضمّها، قال الله تعالى:{وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} الآية [طه: ١٨]، قال أهل اللغة: الهشاشة، والبشاشة، بمعنى طلاقة الوجه، وحُسْن اللقاء. انتهى (١).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قولها: "فلم تهتشَّ له" يُروَى: تهتش بالتاء باثنتين من فوقها، ويروى بحذفها، وفتح الهاء، وهو من الهشاشة، وهي الخفّة، والاهتزاز، والنشاط عند لقاء من يفرح بلقائه، يقال: هشَّ، وبشَّ، وتبشبش: كلها بمعنى.
(وَلَمْ تُبَالِهِ)؛ أي: لم تَكْتَرِث به، وتَحْتفل لدخوله، وقال القرطبيّ: لم تباله؛ أي: لم تعتني بأمره، وأصله من البال، وهو الاحتفال بالشيء، والاعتناء به، والفكر فيه، يقول: جعلته من بالي وفكري، وهو المعبَّر عنه في الرواية