للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

("لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ)؛ أي: العَلَم، قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: الراية: عَلَم الجيش، يقال: أصلها الهمز، لكن العرب آثرت تَرْكه تخفيفًا، ومنهم من يُنكر هذا القول، ويقول: لم يُسمَع الهمز، والجمع رايات. انتهى (١).

وقوله: (رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ") قال في "الفتح":

أراد بذلك وجود حقيقة المحبة، وإلا فكل مسلم يشترك مع عليّ في مطلق هذه الصفة، وفي الحديث تلميح بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الآية [آل عمران: ٣١]، فكانه أشار إلى أن عليًّا تام الاتباع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى اتصف بصفة محبة الله له، ولهذا كانت محبته علامة الإيمان، وبغضه علامة النفاق، كما أخرجه مسلم من حديث عليّ -رضي الله عنه- نفسِهِ: "قال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لَعَهْد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق"، وله شاهد من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- عند أحمد. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: فيه دليلان على صحة نبوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي إخباره عن فتح خيبر، ووقوعه على نحو ما أخبر، وبرء رَمَد عين عليّ -رضي الله عنه- على فَوْر دعاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفي غير كتاب مسلم: أنه مسح على عينيّ عليّ، ورقاه. انتهى (٣).

وفيه من الفقه: جواز المدح بالحق إذا لم تُخْشَ على الممدوح فتنة. وقد تقدَّم القول في محبة الله.

وفيه ما يدل: على أن الأَولى بدفع الراية إليه من اجتمع له الرئاسة، والشجاعة، وكمال العقل.

(قَالَ) سعد (فَتَطَاوَلْنَا لَهَا)؛ أي: حرصنا عليها، وأصل التطاول: الامتداد والارتفاع، والمراد: رَفَعنا وجوهنا، وأظهرنا أنفسنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ليتذكّرنا، عسى أن يختارنا لهذه السعادة (٤).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("ادْعُوا لِي عَلِيًّا"، فَأُتِيَ) بالبناء للمفعول، (بِهِ أَرْمَدَ)؛ أي:


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ٤٢٠ - ٤٢١.
(٣) "المفهم" ٦/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٤) "تكملة فتح الملهم" ٥/ ١٠٤.