للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جابر -رضي الله عنه- قال: "قَدِم على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- العاقب والسيد، فدعاهما إلى الإسلام، فقالا: أسلمنا يا محمد، قال: كذبتما، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام، قالا: فهات، قال: حب الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير. قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه إلى الغد، فغدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخذ بيد عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، ثم أرسل اليهما، فأبيا أن يجيباه، وأقرّا له، فقال: والذي بعثني بالحقّ لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارًا، قال جابر: فيهم نزلت: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الآية، قال جابر: أنفسنا وأنفسكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعليّ، وأبناءنا: الحسن، والحسين، ونساءنا فاطمة".

وأخرج الحاكم، وصححه عن جابر -رضي الله عنه-: "أن وفد نجران أتوا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: ما تقول في عيسى؟ فقال: هو رُوح الله، وكلمته، وعبد الله ورسوله"، قالوا له: هل لك أن نلاعنك أنه لشى كذلك؟ قال: وذاك أحب إليكم؟، قالوا: نعم، قال: فإذا شئتم، فجاء، وجمع ولده الحسن والحسين، فقال رئيسهم: لا تلاعنوا هذا الرجل، فوالله لئن لاعنتموه، ليُخسفنّ بأحد الفريقين، فجاؤوا، فقالوا: يا أبا القاسم إنما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا، دانا نحب أن تُعفينا، قال: قد أعفيتكم، ثم قال: إن العذاب قد أظلّ نجران" (١).

وأخرج أبو نعيم في "الدلائل" من طريق عطاء والضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن ثمانية من أساقف العرب، من أهل نجران قَدِموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، منهم العاقب والسيد، فأنزل الله: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا} إلى قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} يريد: نَدْعُ الله باللعنة على الكاذب، فقالوا: أخّرنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة، والنضير، وبني قينقاع، فاستشاروهم، فأشاروا عليهم أن يصالحوه، ولا يلاعنوه، وهو النبيّ الذي نجده في التوراة، فصالَحوا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ألف حُلّة في صَفَر، وألف في رجب، ودراهم (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.


(١) "الدر المتثور" ٢/ ٢٣١.
(٢) "الدر المنثور" ٢/ ٢٣٢.